قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس { ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } يقول هادي أهل السموات والأرض. قال ابن جريج قال مجاهد وابن عباس في قوله { ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } يدبر الأمر فيهما نجومهما وشمسهما وقمرهما. وقال ابن جرير حدثنا سليمان بن عمر بن خالد الرقي، حدثنا وهب بن راشد عن فرقد عن أنس بن مالك قال إن الله يقول نوري هداي. واختار هذا القول ابن جرير رحمه الله. وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبيّ بن كعب في قوله تعالى { ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ } قال هو المؤمن الذي جعل الله الإيمان والقرآن في صدره، فضرب الله مثله فقال { ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } فبدأ بنور نفسه، ثم ذكر نور المؤمن فقال مثل نور من آمن به، قال فكان أبيّ بن كعب يقرؤها مثل نور من آمن به فهو المؤمن، جعل الإيمان والقرآن في صدره، وهكذا قال سعيد بن جبير وقيس بن سعد عن ابن عباس أنه قرأها كذلك مثل نور من آمن بالله وقرأ بعضهم ٱللَّهُ منور ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وعن الضحاك { الله نَوَّرَ السموات والأرض }. وقال السدي في قوله { ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } فبنوره أضاءت السموات والأرض. وفي الحديث الذي رواه محمد بن إسحاق في " السيرة " عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في دعائه يوم آذاه أهل الطائف " أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن يحل بي غضبك، أو ينزل بي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بالله " وفي " الصحيحين " عن ابن عباس رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يقول " اللهم لك الحمد، أنت نور السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت قيّم السموات والأرض ومن فيهن " الحديث، وعن ابن مسعود قال إن ربكم ليس عنده ليل ولا نهار، نور العرش من نور وجهه. وقوله تعالى { مَثَلُ نُورِهِ } في هذا الضمير قولان أحدهما أنه عائد إلى الله عز وجل، أي مثل هداه في قلب المؤمن، قاله ابن عباس، { كَمِشْكَاةٍ } والثاني أن الضمير عائد إلى المؤمن الذي دل عليه سياق الكلام، تقديره مثل نور المؤمن الذي في قلبه كمشكاة، فشبه قلب المؤمن، وما هو مفطور عليه من الهدى، وما يتلقاه من القرآن المطابق لما هو مفطور عليه كما قال تعالى{ أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ } هود 17 فشبه قلب المؤمن في صفائه في نفسه بالقنديل من الزجاج الشفاف الجوهري، وما يستهديه من القرآن والشرع بالزيت الجيد الصافي المشرق المعتدل الذي لا كدر فيه ولا انحراف، فقوله { كَمِشْكَاةٍ } قال ابن عباس ومجاهد ومحمد بن كعب وغير واحد هو موضع الفتيلة من القنديل، هذا هو المشهور، ولهذا قال بعده { فِيهَا مِصْبَاحٌ } وهو الذُبالة التي تضيء.