الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ قُل لِّمَنِ ٱلأَرْضُ وَمَن فِيهَآ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } * { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } * { قُلْ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلسَّبْعِ وَرَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ } * { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } * { قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجْيِرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } * { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ } * { بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }

يقرر تعالى وحدانيته، واستقلاله بالخلق والتصرف والملك ليرشد إلى أنه الله الذي لا إله إلا هو، ولا تنبغي العبادة إلا له وحده لا شريك له، ولهذا قال لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين العابدين معه غيره، المعترفين له بالربوبية، وأنه لا شريك له فيها، ومع هذا فقد أشركوا معه في الإلهية، فعبدوا غيره معه، مع اعترافهم أن الذين عبدوهم لا يخلقون شيئاً، ولا يملكون شيئاً ولا يستبدون بشيء، بل اعتقدوا أنهم يقربونهم إليه زلفىمَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىٰ } الزمر 3 فقال { قُل لِّمَنِ ٱلأَرْضُ وَمَن فِيهَآ } أي من مالكها الذي خلقها ومن فيها من الحيوانات والنباتات والثمرات وسائر صنوف المخلوقات { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ } أي فيعترفون لك بأن ذلك لله وحده لا شريك له، فإذا كان ذلك، { قُلْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } أنه لا تنبغي العبادة إلا للخالق الرزاق لا لغيره، { قُلْ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ ٱلسَّبْعِ وَرَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ }؟ أي من هو خالق العالم العلوي بما فيه من الكواكب النيرات والملائكة الخاضعين له في سائر الأقطار منها والجهات، ومن هو رب العرش العظيم، يعني الذي هو سقف المخلوقات كما جاء في الحديث الذي رواه أبو داود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " شأن الله أعظم من ذلك، إن عرشه على سمواته هكذا " وأشار بيده مثل القبة، وفي الحديث الآخر " ما السموات السبع والأرضون السبع وما بينهن وما فيهن في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وإن الكرسي بما فيه بالنسبة إلى العرش كتلك الحلقة في تلك الفلاة " ولهذا قال بعض السلف إن مسافة ما بين قطري العرش من جانب إلى جانب مسيرة خمسين ألف سنة، وارتفاعه عن الأرض السابعة مسيرة خمسين ألف سنة، وقال الضحاك عن ابن عباس إنما سمي عرشاً لارتفاعه. وقال الأعمش عن كعب الأحبار إن السموات والأرض في العرش كالقنديل المعلق بين السماء والأرض. وقال مجاهد ما السموات والأرض في العرش إلا كحلقة في أرض فلاة. وقال ابن أبي حاتم حدثنا العلاء بن سالم، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان الثوري عن عمار الدّهني عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال العرش لا يقدر قدره أحد، وفي رواية إلا الله عز وجل، وقال بعض السلف العرش من يا قوتة حمراء، ولهذا قال ههنا { وَرَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ } أي الكبير. وقال في آخر السورةرَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْكَرِيمِ } المؤمنون 116 أي الحسن البهي، فقد جمع العرش بين العظمة في الإتساع والعلو والحسن الباهر، ولهذا قال من قال إنه من يا قوتة حمراء.

السابقالتالي
2