الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } * { فَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ مَا هَـٰذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِيۤ آبَآئِنَا ٱلأَوَّلِينَ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُواْ بِهِ حَتَّىٰ حِينٍ }

يخبر تعالى عن نوح عليه السلام حين بعثه إلى قومه لينذرهم عذاب الله وبأسه الشديد، وانتقامه ممن أشرك به، وخالف أمره، وكذب رسله، { فَقَالَ يَٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ }؟ أي ألا تخافون من الله في إشراككم به؟ فقال الملأ، وهم السادة والأكابر منهم { مَا هَـٰذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ } يعنون يترفع عليكم، ويتعاظم بدعوى النبوة، وهو بشر مثلكم، فكيف أوحي إليه دونكم؟ { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لأَنزَلَ مَلَـٰئِكَةً } أي لو أراد أن يبعث نبياً، لبعث ملكاً من عنده، ولم يكن بشراً، ما سمعنا بهذا، أي ببعثة البشر في آبائنا الأولين، يعنون بهذا أسلافهم وأجدادهم في الدهور الماضية. وقوله { إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ } أي مجنون فيما يزعمه من أن الله أرسله إليكم، واختصه من بينكم بالوحي، { فَتَرَبَّصُواْ بِهِ حَتَّىٰ حِينٍ } أي انتظروا به ريب المنون، واصبروا عليه مدة حتى تستريحوا منه.