الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِّن شَعَائِرِ ٱللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا صَوَآفَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْقَانِعَ وَٱلْمُعْتَرَّ كَذٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

يقول تعالى ممتناً على عباده فيما خلق لهم من البدن وجعلها من شعائره، وهو أنه جعلها تهدى إلى بيته الحرام، بل هي أفضل ما يهدى إليه، كما قال تعالىلاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ ٱللَّهِ وَلاَ ٱلشَّهْرَ ٱلْحَرَامَ وَلاَ ٱلْهَدْىَ وَلاَ ٱلْقَلَـٰئِدَ وَلاۤ ءَامِّينَ ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ } المائدة 2 الآية، قال ابن جريج قال عطاء في قوله { وَٱلْبُدْنَ جَعَلْنَـٰهَا لَكُمْ مِّن شَعَـٰئِرِ ٱللَّهِ } قال البقرة والبعير، وكذا روي عن ابن عمر وسعيد بن المسيب والحسن البصري، وقال مجاهد إنما البدن من الإبل قلت أما إطلاق البدنة على البعير. فمتفق عليه، واختلفوا في صحة إطلاق البدنة على البقرة على قولين، أصحهما أنه يطلق عليها ذلك شرعاً كما صح الحديث، ثم جمهور العلماء على أنه تجزىء البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة كما ثبت به الحديث عند مسلم من رواية جابر بن عبد الله قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الأضاحي البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة. وقال إسحاق بن راهويه وغيره بل تجزىء البقرة والبعير عن عشرة، وقد ورد به حديث في " مسند الإمام أحمد " و " سنن النسائي " وغيرهما، فالله أعلم. وقوله { لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ } أي ثواب في الدار الآخرة، وعن سليمان بن يزيد الكعبي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله من إهراق دم. وإنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض، فطيبوا بها نفساً " رواه ابن ماجه والترمذي وحسنه، وقال سفيان الثوري كان أبو حاتم يستدين ويسوق البدن، فقيل له تستدين وتسوق البدن؟ فقال إني سمعت الله يقول لكم { لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ }. وعن ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما أنفقت الورق في شيء أفضل من نحيرة في يوم عيد " رواه الدارقطني في " سننه ". وقال مجاهد { لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ } قال أجر ومنافع، وقال إبراهيم النخعي يركبها ويحلبها إذا احتاج إليها. وقوله { فَٱذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا صَوَآفَّ } وعن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن جابر بن عبد الله قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيد الأضحى، فلما انصرف، أتى بكبش فذبحه، فقال " باسم الله والله أكبر، اللهم هذا عني وعمن لم يضح من أمتي " رواه أحمد وأبو داود والترمذي. وقال محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن عباس عن جابر قال ضحَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين في يوم عيد، فقال حين وجههما

السابقالتالي
2 3 4