الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱعْبُدُونِ } * { وَتَقَطَّعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ } * { فَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ }

قال ابن عباس ومجاهد وسعيد ابن جبير وقتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله { إِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } يقول دينكم دين واحد وقال الحسن البصري في هذه الآية يبين لهم ما يتقون وما يأتون، ثم قال { إِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } أي سنتكم سنة واحدة، فقوله إن هذه إن واسمها، وأمتكم خبر إن، أي هذه شريعتكم التي بينت لكم ووضحت لكم. وقوله أمة واحدة نصب على الحال، ولهذا قال { وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱعْبُدُونِ } كما قاليٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَـٰتِ وَٱعْمَلُواْ صَـٰلِحاً } ــــ إلى قوله ــــوَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱتَّقُونِ } المؤمنون51-52وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " نحن معاشر الأنبياء أولاد علات ديننا واحد " يعني أن المقصود هو عبادة الله وحده لا شريك له بشرائع متنوعة لرسله، كما قال تعالىلِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً } المائدة48. وقوله { وَتَقَطَّعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ } أي اختلفت الأمم على رسلها فمن بين مصدق لهم ومكذب، ولهذا قال { كُلٌّ إِلَيْنَا رَٰجِعُونَ } أي يوم القيامة، فيجازي كل بحسب عمله، إن خيراً فخير وإن شراً فشر، ولهذا قال { فَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ } أي قلبه مصدق وعمل صالحاً { فَلاَ كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ } كقولهإِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً } الكهف 30 أي لا يكفر سعيه وهو عمله بل يشكر فلا يظلم مثقال ذرة، ولهذا قال { وَإِنَّا لَهُ كَـٰتِبُونَ } أي يكتب جميع عمله فلا يضيع عليه منه شيء.