الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَتَٱللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَن تُوَلُّواْ مُدْبِرِينَ } * { فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ } * { قَالُواْ مَن فَعَلَ هَـٰذَا بِآلِهَتِنَآ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلظَّالِمِينَ } * { قَالُواْ سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ } * { قَالُواْ فَأْتُواْ بِهِ عَلَىٰ أَعْيُنِ ٱلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ } * { قَالُوۤاْ أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَـٰذَا بِآلِهَتِنَا يٰإِبْرَاهِيمُ } * { قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَـٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ }

ثم أقسم الخليل قسماً أسمعه بعض قومه ليكيدن أصنامهم، أي ليحرصن على أذاهم وتكسيرهم بعد أن يولوا مدبرين، أي إلى عيدهم، وكان لهم عيد يخرجون إليه، قال السدي لما اقترب وقت ذلك العيد، قال أبوه يا بني لو خرجت معنا إلى عيدنا، لأعجبك ديننا، فخرج معهم، فلما كان ببعض الطريق، ألقى نفسه إلى الأرض، وقال إني سقيم، فجعلوا يمرون عليه وهو صريع، فيقولون مه؟ فيقول إني سقيم، فلما جاز عامتهم، وبقي ضعفاؤهم، قال { وَتَٱللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَـٰمَكُمْ } فسمعه أولئك. وقال أبو إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال لما خرج قوم إبراهيم إلى عيدهم، مروا عليه، فقالوا يا إبراهيم ألا تخرج معنا؟ قال إني سقيم، وقد كان بالأمس، قال { وَتَٱللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَـٰمَكُمْ بَعْدَ أَن تُوَلُّواْ مُدْبِرِينَ } فسمعه ناس منهم. وقوله { فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً } أي حطاماً، كسرها كلها، إلا كبيراً لهم، يعني إلا الصنم الكبير عندهم، كما قالفَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِٱلْيَمِينِ } الصافات 93. وقوله { لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ } ذكروا أنه وضع القدوم في يد كبيرهم لعلهم يعتقدون أنه هو الذي غار لنفسه، وأنف أن تعبد معه هذه الأصنام الصغار، فكسرها، { قَالُواْ مَن فَعَلَ هَـٰذَا بِـآلِهَتِنَآ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } أي حين رجعوا وشاهدوا ما فعله الخليل بأصنامهم من الإهانة والإذلال الدال على عدم إلهيتها، وعلى سخافة عقول عابديها { قَالُواْ مَن فَعَلَ هَـٰذَا بِـآلِهَتِنَآ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } أي في صنيعه هذا، { قَالُواْ سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَٰهِيمُ } أي قال من سمعه يحلف إنه ليكيدنهم سمعنا فتىً، أي شاباً يذكرهم، يقال له إبراهيم. قال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن عوف، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا جرير بن عبد الحميد عن قابوس عن أبيه عن ابن عباس قال ما بعث الله نبياً إلا شاباً، ولا أوتي العلم عالم إلا وهو شاب، وتلا هذه الآية { قَالُواْ سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَٰهِيمُ }. وقوله { قَالُواْ فَأْتُواْ بِهِ عَلَىٰ أَعْيُنِ ٱلنَّاسِ } أي على رؤوس الأشهاد في الملأ الأكبر بحضرة الناس كلهم، وكان هذا هو المقصود الأكبر لإبراهيم عليه السلام أن يبين في هذا المحفل العظيم كثرة جهلهم وقلة عقلهم في عبادة هذه الأصنام التي لا تدفع عن نفسها ضراً، ولا تملك لها نصراً، فكيف يطلب منها شيء من ذلك؟ { قَالُوۤاْ ءَأَنْتَ فَعَلْتَ هَـٰذَا بِـآلِهَتِنَا يٰإِبْرَٰهِيمُ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَـٰذَا } يعني الذي تركه لم يكسره { فَاسْـأَلُوهُمْ إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ } وإنما أراد بهذا أن يبادروا من تلقاء أنفسهم، فيعترفوا أنهم لا ينطقون، وأن هذا لا يصدر عن هذا الصنم لأنه جماد. وفي " الصحيحين " من حديث هشام بن حسان عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

السابقالتالي
2