يقول تعالى مسلياً لرسوله عما آذاه به المشركون من الاستهزاء والتكذيب { وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِٱلَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } يعني من العذاب الذي كانوا يستبعدون وقوعه كما قال تعالى{ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَىٰ مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّىٰ أَتَـٰهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَـٰتِ ٱللَّهِ وَلَقدْ جَآءَكَ مِن نَّبَإِ ٱلْمُرْسَلِينَ } الأنعام 34 ثم ذكر تعالى نعمته على عبيده في حفظه لهم بالليل والنهار، وكلاءته وحراسته لهم بعينه التي لا تنام، فقال { قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ مِنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ } أي بدل الرحمن، يعني غيره، كما قال الشاعر
أي لم تذق بدل البقول الفستق. وقوله تعالى { بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُّعْرِضُونَ } أي لا يعترفون بنعمة الله عليهم وإحسانه إليهم، بل يعرضون عن آياته وآلائه، ثم قال { أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِّن دُونِنَا }؟ استفهام إنكار وتقريع وتوبيخ، أي ألهم آلهة تمنعهم وتكلؤهم غيرنا؟ ليس الأمر كما توهموا، ولا كما زعموا، ولهذا قال { لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ } إن هذه الآلهة التي استندوا إليها غير الله لا يستطيعون نصر أنفسهم. وقوله { وَلاَ هُمْ مِّنَّا يُصْحَبُونَ } قال العوفي عن ابن عباس ولا هم منا يصحبون، أي يجارون. وقال قتادة لا يصحبون من الله بخير. وقال غيره ولا هم منا يصحبون يمنعون.