الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَلَمْ يَرَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَنَّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ } * { وَجَعَلْنَا فِي ٱلأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } * { وَجَعَلْنَا ٱلسَّمَآءَ سَقْفاً مَّحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ }

يقول تعالى منبهاً على قدرته التامة، وسلطانه العظيم في خلقه الأشياء، وقهره لجميع المخلوقات، فقال { أَوَلَمْ يَرَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } أي الجاحدون لإلهيته، العابدون معه غيره، ألم يعلموا أن الله هو المستقل بالخلق، المستبد بالتدبير، فكيف يليق أن يعبد معه غيره، أو يشرك به ما سواه، ألم يروا أن السموات والأرض كانتا رتقاً، أي كان الجميع متصلاً بعضه ببعض، متلاصق متراكم بعضه فوق بعض في ابتداء الأمر، ففتق هذه من هذه، فجعل السموات سبعاً، والأرض سبعاً، وفصل بين السماء الدنيا والأرض بالهواء، فأمطرت السماء، وأنبتت الأرض، ولهذا قال { وَجَعَلْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ كُلَّ شَىْءٍ حَىٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ } أي وهم يشاهدون المخلوقات تحدث شيئاً فشيئاً عياناً، وذلك كله دليل على وجود الصانع الفاعل المختار القادر على ما يشاء.
فَفِي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ آيَة تَدُل عَلَى أَنَّهُ واحِدُ   
قال سفيان الثوري عن أبيه عن عكرمة قال سئل ابن عباس الليل كان قبل أو النهار؟ فقال أرأيتم السموات والأرض حين كانتا رتقاً، هل كان بينهما إلا ظلمة؟ ذلك لتعلموا أن الليل قبل النهار. وقال ابن ابي حاتم حدثنا أبي، حدثنا إبراهيم بن حمزة، حدثنا حاتم عن حمزة بن أبي محمد، عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رجلاً أتاه يسأله عن السموات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما. قال اذهب إلى ذلك الشيخ فاسأله، ثم تعال فأخبرني بما قال لك، قال فذهب إلى ابن عباس فسأله، فقال ابن عباس نعم، كانت السموات رتقاً لا تمطر، وكانت الأرض رتقاً لا تنبت، فلما خلق للأرض أهلاً، فتق هذه بالمطر، وفتق هذه بالنبات، فرجع الرجل إلى ابن عمر فأخبره، فقال ابن عمر الآن قد علمت أن ابن عباس قد أوتي في القرآن علماً، صدق، هكذا كانت، قال ابن عمر قد كنت أقول ما يعجبني جراءة ابن عباس على تفسير القرآن، فالآن علمت أنه قد أوتي في القرآن علماً. وقال عطية العوفي كانت هذه رتقاً لا تمطر، فأمطرت، وكانت هذه رتقاً لا تنبت، فأنبتت. وقال إسماعيل بن أبي خالد سألت أبا صالح الحنفي عن قوله { أَنَّ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَـٰهُمَا } قال كانت السماء واحدة، ففتق منها سبع سموات، وكانت الأرض واحدة، ففتق منها سبع أرضين، وهكذا قال مجاهد، وزاد ولم تكن السماء والأرض متماستين. وقال سعيد بن جبير بل كانت السماء والأرض ملتزقتين، فلما رفع السماء وأبرز منها الأرض، كان ذلك فتقهما الذي ذكر الله في كتابه. وقال الحسن وقتادة كانتا جميعاً، ففصل بينهما بهذا الهواء. وقوله { وَجَعَلْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ كُلَّ شَىْءٍ حَىٍّ } أي أصل كل الأحياء منه. قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي، حدثنا أبو الجماهر، حدثنا سعيد بن بشير، حدثنا قتادة عن أبي ميمونة عن أبي هريرة أنه قال يا نبي الله إذا رأيتك، قرت عيني، وطابت نفسي، فأخبرنا عن كل شيء، قال

السابقالتالي
2 3