الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يٰسَامِرِيُّ } * { قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي } * { قَالَ فَٱذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي ٱلْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّن تُخْلَفَهُ وَٱنظُرْ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ ٱلَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي ٱلْيَمِّ نَسْفاً } * { إِنَّمَآ إِلَـٰهُكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً }

يقول موسى عليه السلام للسامري ما حملك على ما صنعت؟ وما الذي عرض لك حتى فعلت ما فعلت؟ قال محمد بن إسحاق عن حكيم بن جبير، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان السامري رجلاً من أهل باجرما، وكان من قوم يعبدون البقر، وكان حب عبادة البقر في نفسه، وكان قد أظهر الإسلام مع بني إسرائيل، وكان اسمه موسى بن ظفر، وفي رواية عن ابن عباس أنه كان من كرمان، وقال قتادة كان من قرية سامرا { قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ } أي رأيت جبريل حين جاء لهلاك فرعون { فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ } أي من أثر فرسه، وهذا هو المشهور عند كثير من المفسرين، أو أكثرهم. وقال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن عمار بن الحارث، أخبرني عبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل عن السدي عن أبي بن عمارة عن علي رضي الله عنه قال إن جبريل عليه السلام لما نزل، فصعد بموسى عليه السلام إلى السماء، بصر به السامري من بين الناس، فقبض قبضة من أثر الفرس، قال وحمل جبريل موسى عليهما السلام خلفه، حتى إذا دنا من باب السماء، صعد وكتب الله الألواح، وهو يسمع صرير الأقلام في الألواح، فلما أخبره أن قومه قد فتنوا من بعده قال نزل موسى، فأخذ العجل فأحرقه، غريب. وقال مجاهد { فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ } قال من تحت حافر فرس جبريل، قال والقبضة ملء الكف، والقبضة بأطراف الأصابع، قال مجاهد نبذ السامري، أي ألقى ما كان في يده على حلية بني إسرائيل، فانسبك عجلاً جسداً له خوار حفيف الريح فيه فهو خواره. وقال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن يحيــــى، أخبرنا علي بن المديني، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا عمارة، حدثنا عكرمة أن السامري رأى الرسول، فألقي في روعه أنك إن أخذت من أثر هذا الفرس قبضة، فألقيتها في شيء، فقلت له كن، فكان، فقبض قبضة من أثر الرسول، فيبست أصابعه على القبضة، فلما ذهب موسى للميقات، وكان بنو إسرائيل قد استعاروا حلي آل فرعون، فقال لهم السامري إنما أصابكم من أجل هذا الحلي، فاجمعوه، فجمعوه، فأوقدوا عليه، فذاب، فرآه السامري، فألقي في روعه أنك لو قذفت هذه القبضة في هذه، فقلت كن، فيكون، فقذف القبضة، وقال كن، فكان عجلاً جسداً له خوار، فقال { هَـٰذَآ إِلَـٰهُكُمْ وَإِلَـٰهُ مُوسَىٰ } ولهذا قال { فَنَبَذْتُهَا } أي ألقيتها مع من ألقى { وَكَذٰلِكَ سَوَّلَتْ لِى نَفْسِى } أي حسنته، وأعجبها إذا ذاك { قَالَ فَٱذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِى ٱلْحَيَوٰةِ أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ } أي كما أخذت ومسست ما لم يكن لك أخذه ومسه من أثر الرسول، فعقوبتك في الدنيا أن تقول لا مساس، أي لا تماس الناس، ولا يمسونك { وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً } أي يوم القيامة { لَّن تُخْلَفَهُ } أي لا محيد لك عنه.

السابقالتالي
2