الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ يٰهَرُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوۤاْ } * { أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي } * { قَالَ يَبْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِيۤ إِسْرَآءِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي }

يخبر تعالى عن موسى عليه السلام حين رجع إلى قومه، فرأى ما قد حدث فيهم من الأمر العظيم، فامتلأ عند ذلك غضباً، وألقى ما كان في يده من الألواح الإلهية، وأخذ برأس أخيه يجره إليه، وقد قدمنا في سورة الأعراف بسط ذلك، وذكرنا هناك حديث " ليس الخبر كالمعاينة " وشرع يلوم أخاه هارون، فقال { مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوۤاْ أَلاَّ تَتَّبِعَنِ } أي فتخبرني بهذا الأمر أول ما وقع { أَفَعَصَيْتَ أَمْرِى } أي فيما كنت قدمت إليك، وهو قولهٱخْلُفْنِى فِى قَوْمِى وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ ٱلْمُفْسِدِينَ } الأعراف 142 { قَالَ يَبْنَؤُمَّ } ترقق له بذكر الأم مع أنه شقيقه لأبويه لأن ذكر الأم ههنا أرق وأبلغ في الحنو والعطف، ولهذا قال { يَبْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِى وَلاَ بِرَأْسِى } الآية، هذا اعتذار من هارون عند موسى في سبب تأخره عنه حيث لم يلحقه فيخبره بما كان من هذا الخطب الجسيم، قال { إِنِّى خَشِيتُ } أن أتبعك، فأخبرك بهذا، فتقول لي لم تركتهم وحدهم، وفرقت بينهم { وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِى } أي وما راعيت ما أمرتك به حيث استخلفتك فيهم؟ قال ابن عباس وكان هارون هائباً مطيعاً له.