الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَىٰ } * { وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ ٱلصَّالِحَاتِ فَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱلدَّرَجَاتُ ٱلْعُلَىٰ } * { جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذٰلِكَ جَزَآءُ مَن تَزَكَّىٰ }

الظاهر من السياق أن هذا من تمام ما وعظ به السحرة لفرعون، يحذرونه من نقمة الله وعذابه الدائم السرمدي، ويرغبونه في ثوابه الأبدي المخلد، فقالوا { إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً } أي يلقى الله يوم القيامة وهو مجرم { فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَىٰ } كقولهلاَ يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ } فاطر 36 وقالوَيَتَجَنَّبُهَا ٱلأَشْقَى ٱلَّذِى يَصْلَى ٱلنَّارَ ٱلْكُبْرَىٰ ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَا } الأعلى 11 - 13 وقال تعالىوَنَادَوْاْ يٰمَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَّاكِثُونََ } الزخرف 77 وقال الإمام أحمد بن حنبل حدثنا إسماعيل، أخبرنا سعيد بن يزيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أما أهل النار الذين هم أهلها، فإنهم لا يموتمون فيها ولا يحيون، ولكن أناس تصيبهم النار بذنوبهم، فتميتهم إماتة، حتى إذا صاروا فحماً، أذن في الشفاعة، فجيء بهم ضبائر ضبائر، فبثوا على أنهار الجنة، فيقال يا أهل الجنة أفيضوا عليهم، فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل " فقال رجل من القوم كأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بالبادية، وهكذا أخرجه مسلم في كتابه " الصحيح " من رواية شعبة وبشر بن المفضل، كلاهما عن أبي سلمة سعيد بن يزيد به. وقال ابن أبي حاتم ذكر عن عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث قال حدثنا أبي، حدثنا حيان، سمعت سليمان التيمي عن أبي نضرة عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب، فأتى على هذه الآية { إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَىٰ } قال النبي صلى الله عليه وسلم " أما أهلها الذين هم أهلها، فلا يموتون فيها ولا يحيون، وأما الذين ليسوا من أهلها، فإن النار تمسهم، ثم يقوم الشفعاء فيشفعون، فتجعل الضبائر، فيؤتى بهم نهراً يقال له الحياة أو الحيوان، فينبتون كما ينبت العشب في حميل السيل ". وقوله تعالى { وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ } أي ومن لقي ربه يوم المعاد مؤمن القلب، قد صدق ضميره بقوله وعمله { فَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱلدَّرَجَـٰتُ ٱلْعُلَىٰ } أي الجنة ذات الدرجات العاليات، والغرف الآمنات، والمساكن الطيبات. قال الإمام أحمد حدثنا عفان، أنبأنا همام، حدثنا زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " الجنة مائة درجة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، والفردوس أعلاها درجة، ومنها تخرج الأنهار الأربعة، والعرش فوقها، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس "

السابقالتالي
2