الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ طه } * { مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ } * { إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ } * { تَنزِيلاً مِّمَّنْ خَلَقَ ٱلأَرْضَ وَٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلْعُلَى } * { ٱلرَّحْمَـٰنُ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱسْتَوَىٰ } * { لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ ٱلثَّرَىٰ } * { وَإِن تَجْهَرْ بِٱلْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ وَأَخْفَى } * { ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ }

قد تقدم الكلام على الحروف المقطعة في أول سورة البقرة بما أغنى عن إعادته. وقال ابن أبي حاتم حدثنا الحسين بن محمد بن شيبة الواسطي، حدثنا أبو أحمد - يعني الزبيري - أنبأنا إسرائيل عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال طه يا رجل، وهكذا روي عن مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وعطاء ومحمد بن كعب وأبي مالك وعطية العوفي والحسن وقتادة والضحاك والسدي وابن أبزى أنهم قالوا طه بمعنى يا رجل.. وفي رواية عن ابن عباس وسعيد بن جبير والثوري أنها كلمة بالنبطية معناها يا رجل. وقال أبو صالح هي معربة. وأسند القاضي عياض في كتابه " الشفاء " من طريق عبد بن حميد في تفسيره حدثنا هاشم بن القاسم عن ابن جعفر عن الربيع بن أنس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى، قام على رجل، ورفع الأخرى، فأنزل الله تعالى { طه } يعني طأ الأرض يا محمد { مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْءَانَ لِتَشْقَىٰ } ثم قال ولا يخفى بما في هذا الإكرام وحسن المعاملة. وقوله { مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْءَانَ لِتَشْقَىٰ } قال جويبر عن الضحاك لما أنزل الله القرآن على رسوله صلى الله عليه وسلم قام به هو وأصحابه، فقال المشركون من قريش ما أنزل هذا القرآن على محمد إلا ليشقى، فأنزل الله تعالى { طه مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْءَانَ لِتَشْقَىٰ إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ } فليس الأمر كما زعمه المبطلون، بل من آتاه الله العلم، فقد أراد به خيراً كثيراً، كما ثبت في " الصحيحين " عن معاوية قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ". وما أحسن الحديث الذي رواه الحافظ أبو القاسم الطبراني في ذلك حيث قال حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا العلاء بن سالم، حدثنا إبراهيم الطالقاني، حدثنا ابن المبارك عن سفيان عن سماك بن حرب، عن ثعلبة بن الحكم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يقول الله تعالى للعلماء يوم القيامة إذا قعد على كرسيه لقضاء عباده إني لم أجعل علمي وحكمتي فيكم إلا وأنا أريد أن أغفر لكم على ما كان منكم ولا أبالي " إسناده جيد، وثعلبة بن الحكم هذا هو الليثي، ذكره أبو عمر في استيعابه، وقال نزل البصرة، ثم تحول إلى الكوفة، وروى عنه سماك بن حرب. وقال مجاهد في قوله { مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْءَانَ لِتَشْقَىٰ } هي كقولهفَٱقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ } المزمل 20 وكانوا يعلقون الحبال بصدورهم في الصلاة. وقال قتادة { مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْءَانَ لِتَشْقَىٰ } لا والله ما جعله شقاء، ولكن جعله رحمة ونوراً ودليلاً إلى الجنة { إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ } إن الله أنزل كتابه وبعث رسوله رحمة رحم بها عباده ليتذكر ذاكر، وينتفع رجل بما سمع من كتاب الله، وهو ذكر أنزل الله فيه حلاله وحرامه.

السابقالتالي
2 3 4