يقول تعالى مخبراً عن فرعون أنه قال لموسى حين أراه الآية الكبرى، وهي إلقاء عصاه فصارت ثعباناً عظيماً، ونزع يده من تحت جناحه فخرجت بيضاء من غير سوء، فقال هذا سحر جئت به لتسحرنا وتستولي به على الناس فيتبعونك، وتكاثرنا بهم، ولا يتم هذا معك، فإن عندنا سحراً مثل سحرك، فلا يغرنك ما أنت فيه، { فَٱجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً } أي يوماً نجتمع نحن وأنت فيه، فنعارض ما جئت به بما عندنا من السحر، في مكان معين ووقت معين، فعند ذلك { قَالَ } لهم موسى { مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ ٱلزِّينَةِ } وهو يوم عيدهم ونيروزهم وتفرغهم من أعمالهم واجتماعهم جميعهم ليشاهد الناس قدرة الله على ما يشاء، ومعجزات الأنبياء، وبطلان معارضة السحر لخوارق العادات النبوية، ولهذا قال { وَأَن يُحْشَرَ ٱلنَّاسُ } أي جميعهم { ضُحًى } أي ضحوة من النهار، ليكون أظهر وأجلى، وأبين وأوضح، وهكذا شأن الأنبياء، كل أمرهم بين واضح، ليس فيه خفاء ولا ترويج، ولهذا لم يقل ليلاً، ولكن نهاراً ضحى، قال ابن عباس وكان يوم الزينة يوم عاشوراء. وقال السدي وقتادة وابن زيد كان يوم عيدهم. وقال سعيد بن جبير كان يوم سوقهم، ولا منافاة. قلت وفي مثله أهلك الله فرعون وجنوده، كما ثبت في الصحيح، وقال وهب بن منبه قال فرعون يا موسى اجعل بيننا وبينك أجلاً ننظر فيه، قال موسى لم أومر بهذا، إنما أمرت بمناجزتك، إن أنت لم تخرج، دخلت إليك، فأوحى الله إلى موسى أن اجعل بينك وبينه أجلاً، وقل له أن يجعل هو، قال فرعون اجعله إلى أربعين يوماً، ففعل، وقال مجاهد وقتادة مكاناً سوى منصفاً. وقال السدي عدلاً. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم مكاناً سوى مستو بين الناس وما فيه لا يكون صوب ولا شيء يتغيب بعض ذلك عن بعض مستو حين يرى.