الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلَىٰ ءَادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً } * { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُوۤاْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ } * { فَقُلْنَا يآءَادَمُ إِنَّ هَـٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ } * { إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَىٰ } * { وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَلاَ تَضْحَىٰ } * { فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ ٱلشَّيْطَانُ قَالَ يٰآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَىٰ } * { فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ وَعَصَىٰ ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ } * { ثُمَّ ٱجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ }

قال ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا أسباط بن محمد، حدثنا الأعمش عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال إنما سمي الإنسان لأنه عهد إليه فنسي، وكذا رواه علي بن أبي طلحة عنه. وقال مجاهد والحسن ترك. وقوله { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَـٰئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَِدَمَ } يذكر تعالى تشريف آدم، وتكريمه، وما فضله به على كثير ممن خلق تفضيلاً، وقد تقدم الكلام على هذه القصة في سورة البقرة وفي الأعراف وفي الحجر والكهف، وسيأتي في آخر سورة " ص " يذكر تعالى فيها خلق آدم، وأمره الملائكة بالسجود له تشريفاً وتكريماً، ويبين عداوة إبليس لبني آدم ولأبيهم قديماً، ولهذا قال تعالى { فَسَجَدُوۤاْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ } أي امتنع واستكبر { فَقُلْنَا يَٰأَدَمُ إِنَّ هَـٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِك } يعني حواء عليهما السلام { فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ } أي إياك أن تسعى في إخراجك منها، فتتعب وتعنى وتشقى في طلب رزقك، فإنك ههنا في عيش رغيد هنيء بلا كلفة ولا مشقة { إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَىٰ } إنما قرن بين الجوع والعري لأن الجوع ذل الباطن، والعري ذل الظاهر، { وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَؤُا فِيهَا وَلاَ تَضْحَىٰ } وهذان أيضاً متقابلان، فالظمأ حر الباطن وهو العطش، والضحى حر الظاهر. وقوله { فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ ٱلشَّيْطَـٰنُ قَالَ يَٰأَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَىٰ } قد تقدم أنه دلاهما بغروروَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّـٰصِحِينَ } الأعراف 21 وقد تقدم أن الله تعالى عهد إلى آدم وزوجه أن يأكلا من كل الثمار، ولا يقربا هذه الشجرة المعينة في الجنة، فلم يزل بهما إبليس حتى أكلا منها، وكانت شجرة الخلد، يعني التي من أكل منها، خلد ودام مكثه، وقد جاء في الحديث ذكر شجرة الخلد، فقال أبو داود الطيالسي حدثنا شعبة عن أبي الضحاك، سمعت أبا هريرة يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام ما يقطعها، وهي شجرة الخلد " ورواه الإمام أحمد. وقوله { فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَٰتُهُمَا } قال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين بن إشكاب، حدثنا علي بن عاصم عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله خلق آدم رجلاً طوالاً كثير شعر الرأس، كأنه نخلة سحوق، فلما ذاق الشجرة، سقط عنه لباسه، فأول ما بدا منه عورته، فلما نظر إلى عورته، جعل يشتد في الجنة، فأخذت شعره شجرة، فنازعها، فناداه الرحمن يا آدم مني تفر؟ فلما سمع كلام الرحمن قال يا رب لا، ولكن استحياء، أرأيت إن تبت ورجعت أعائدي إلى الجنة؟ قال نعم "

السابقالتالي
2