الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُوۤاْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِٱللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ }

يقول تعالى واذكروا يا بني إسرائيل نعمتي عليكم في خرق العادة لكم في شأن البقرة، وبيان القاتل من هو بسببها، وإحياء الله المقتول، ونصه على من قتله منهم.ذكر بسط القصة قال ابن أبي حاتم حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين، عن عبيدة السلماني، قال كان رجل من بني إسرائيل عقيماً لا يولد له، وكان له مال كثير، وكان ابن أخيه وارثه، فقتله، ثم احتمله ليلاً، فوضعه على باب رجل منهم، ثم أصبح يدعيه عليهم حتى تسلحوا وركب بعضهم على بعض. فقال ذوو الرأي منهم والنهي علام يقتل بعضكم بعضاً، وهذا رسول الله فيكم؟ فأتوا موسى عليه السلام، فذكروا ذلك له، فقال { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُوۤاْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِٱللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْجَـٰهِلِينَ } قال فلو لم يعترضوا، لأجزأت عنهم أدنى بقرة، ولكنهم شددوا، فشدد عليهم حتى انتهوا إلى البقرة التي أمروا بذبحها، فوجدوها عند رجل ليس له بقرة غيرها، فقال والله لا أنقصها من ملء جلدها ذهباً، فأخذوها بملء جلدها ذهباً، فذبحوها، فضربوه ببعضها، فقام فقالوا من قتلك؟ فقال هذا - لابن أخيه - ثم مال ميتاً، فلم يعط من ماله شيئاً، فلم يورث قاتل بعد. ورواه ابن جرير من حديث أيوب، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة بنحو من ذلك، والله أعلم. ورواه عبد بن حميد في تفسيره أنبأنا يزيد بن هارون به. ورواه آدم بن أبي إياس في تفسيره، عن أبي جعفر، هو الرازي، عن هشام بن حسان به، وقال آدم بن أبي إياس في تفسيره أنبأنا أبو جعفر الرازي عن الربيع عن أبي العالية في قول الله تعالى { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُواْ بَقَرَةً } قال كان رجل من بني إسرائيل، وكان غنياً، ولم يكن له ولد، وكان له قريب، وكان وارثه، فقتله ليرثه، ثم ألقاه على مجمع الطريق، وأتى موسى عليه السلام، فقال له إن قريبي قتل، وإني إلى أمر عظيم، وإني لا أجد أحداً يبين لي من قتله غيرك يا نبي الله، قال فنادى موسى في الناس، فقال أنشد الله من كان عنده من هذا علم إلا يبينه لنا، فلم يكن عندهم علم، فأقبل القاتل على موسى عليه السلام، فقال له أنت نبي الله، فسل لنا ربك أن يبين لنا، فسأل ربه، فأوحى الله { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُواْ بَقَرَةً } فعجبوا من ذلك، فقالوا { أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِٱللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْجَـٰهِلِينَ قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنَ لَّنَا مَا هِىَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا لاَّ فَارِضٌ } يعني لا هرمة { وَلاَ بِكْرٌ } يعني ولا صغيرة { عَوَانٌ بَيْنَ ذٰلِكَ } أي نَصَف بين البكر والهرمة { قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَآءُ فَاقِـعٌ لَّوْنُهَا } أي صاف لونها { تَسُرُّ ٱلنَّـٰظِرِينَ } أي تعجب الناظرين { قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِىَ إِنَّ ٱلبَقَرَ تَشَـٰبَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّآ إِن شَآءَ ٱللَّهُ لَمُهْتَدُونَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ } أي لم يذللها العمل { تُثِيرُ ٱلأَرْضَ وَلاَ تَسْقِى ٱلْحَرْثَ } يعني وليست بذلول تثير الأرض، ولا تسقي الحرث، يعني ولا تعمل في الحرث { مُسَلَّمَةٌ } يعني مسلمة من العيوب { لاَّ شِيَةَ فِيهَا } يقول لا بياض فيها { قَالُواْ ٱلآنَ جِئْتَ بِٱلْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ } قال ولو أن القوم حين أمروا بذبح بقرة، استعرضوا بقرة من البقر، فذبحوها، لكانت إياها، ولكن شددوا على أنفسهم، فشدد الله عليهم، ولولا أن القوم استثنوا، فقالوا وإنا إن شاء الله لمهتدون، لما هدوا إليها أبداً، فبلغنا أنهم لم يجدوا البقرة التي نعتت لهم إلا عند عجوز، وعندها يتامى، وهي القيمة عليهم، فلما علمت أنه لا يزكو لهم غيرها، أضعفت عليهم الثمن، فأتوا موسى، فأخبروه أنهم لم يجدوا هذا النعت إلا عند فلانة، وأنها سألت أضعاف ثمنها، فقال موسى إن الله قد خفف عليكم، فشددتم على أنفسكم، فأعطوها رضاها وحكمها.

السابقالتالي
2 3 4