الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ وَٰعَدْنَا مُوسَىٰ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ ٱتَّخَذْتُمُ ٱلْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَٰلِمُونَ } * { ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ وَٱلْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }

يقول تعالى واذكروا نعمتي عليكم في عفوي عنكم، لما عبدتم العجل بعد ذهاب موسى لميقات ربه عند انقضاء أمد المواعدة، وكانت أربعين يوماً، وهي المذكورة في الأعراف في قوله تعالىوَوَٰعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَـٰثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ } الأعراف 142 قيل إنها ذو القعدة بكماله، وعشر من ذي الحجة، وكان ذلك بعد خلاصهم من فرعون، وإنجائهم من البحر. وقوله تعالى { وَإِذْ ءَاتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَـٰبَ } يعني التوراة { وَٱلْفُرْقَانَ } وهو ما يفرق بين الحق والباطل والهدى والضلالة { لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } وكان ذلك أيضاً بعد خروجهم من البحر كما دل عليه سياق الكلام في سورة الأعراف، ولقوله تعالىوَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَـٰبَ مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ ٱلأُولَىٰ بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُون } القصص 43 وقيل الواو زائدة، والمعنى ولقد آتينا موسى الكتاب الفرقان، وهذا غريب. وقيل، عطف عليه، وإن كان المعنى واحداً، كما في قول الشاعر
وقَدَّمَتِ الأَديمَ لِراقِشِيْهِ فَأَلْفَى قَوْلَها كَذِباً ومَيْنا   
وقال الآخر
ألا حَبَّذا هِنْدٌ وأرضٌ بها هندٌ وهندٌ أتى مِنْ دونِها النَّأْيُ والبُعْدُ   
فالكذب هو المين، والنأي هو البعد. وقال عنترة
حُييْتَ مِنْ طَلَلٍ تقادَمَ عَهْدُهُ أَقْوَى وأَقْفَرَ بَعْدَ أُم الهَيْثَمِ   
فعطف الإقفار على الإقواء، وهو هو.