الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ يَمْحَقُ ٱللَّهُ ٱلرِّبَٰواْ وَيُرْبِي ٱلصَّدَقَٰتِ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَآتَوُاْ ٱلزَّكَٰوةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }

يخبر الله تعالى أنه يمحق الربا، أي يذهبه إما بأن يذهبه بالكلية من يد صاحبه، أو يحرمه بركة ماله فلا ينتفع به، بل يعذبه به في الدنيا، ويعاقبه عليه يوم القيامة، كما قال تعالىقُل لاَّ يَسْتَوِى ٱلْخَبِيثُ وَٱلطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ ٱلْخَبِيثِ } المائدة 100 وقال تعالىوَيَجْعَلَ ٱلْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِى جَهَنَّمَ } الأنفال 37 وقالوَمَآ ءَاتَيْتُمْ مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَاْ فِى أَمْوَالِ ٱلنَّاسِ فَلاَ يَرْبُواْ عِندَ ٱللَّهِ } الروم 39 الآية، وقال ابن جرير في قوله { يَمْحَقُ ٱللَّهُ ٱلْرِّبَوٰاْ } وهذا نظير الخبر الذي روي عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " الربا وإن كثر، فإن عاقبته تصير إلى قل " ، وهذا الحديث قد رواه الإمام أحمد في مسنده، فقال حدثنا حجاج، حدثنا شريك، عن الركين بن الربيع، عن أبيه، عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن الربا وإن كثر فإن عاقبته تصير إلى قل " ، وقد رواه ابن ماجه عن العباس بن جعفر عن عمرو بن عون، عن يحيى بن زائدة عن إسرائيل عن الركين بن الربيع بن عميلة الفزاري، عن أبيه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " ما أحد أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى قل " ، وهذا من باب المعاملة، بنقيض المقصود، كما قال الإمام أحمد حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، حدثنا الهيثم بن رافع الطاطري، حدثني أبو يحيى رجل من أهل مكة، عن فروخ مولى عثمان، أن عمر، وهو يومئذٍ أمير المؤمنين، خرج من المسجد، فرأى طعاماً منثوراً، فقال ما هذا الطعام؟ فقالوا طعام جلب إلينا، قال بارك الله فيه وفيمن جلبه، قيل يا أمير المؤمنين إنه قد احتكر، قال من احتكره؟ قالوا فروخ مولى عثمان، وفلان مولى عمر، فأرسل إليهما، فدعاهما فقال ما حملكما على احتكار طعام المسلمين؟ قالا يا أمير المؤمنين نشتري بأموالنا ونبيع، فقال عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " من احتكر على المسلمين طعامهم، ضربه الله بالإفلاس أو بجذام " ، فقال فروخ عند ذلك أعاهد الله وأعاهدك أن لا أعود في طعام أبداً، وأما مولى عمر فقال إنما نشتري بأموالنا ونبيع، قال أبو يحيى فلقد رأيت مولى عمر مجذوماً، ورواه ابن ماجه من حديث الهيثم ابن رافع به، ولفظه " من احتكر على المسلمين طعامهم، ضربه الله بالإفلاس والجذام ". وقوله { وَيُرْبِى ٱلصَّدَقَـٰتِ } قرىء بضم الياء والتخفيف، من ربا الشيء يربو، وأرباه يربيه، أي كثره، ونماه ينميه، وقرىء يربي بالضم والتشديد من التربية، قال البخاري حدثنا عبد الله بن منير، أخبرنا كثير سمع أبا النضر، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن أبيه عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2 3