الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } * { وَنَسُوقُ ٱلْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْداً } * { لاَّ يَمْلِكُونَ ٱلشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً }

يخبر تعالى عن أوليائه المتقين الذين خافوه في الدار الدنيا، واتبعوا رسله وصدقوهم فيما أخبروهم، وأطاعوهم فيما أمروهم به، وانتهوا عما عنه زجروهم أنه يحشرهم يوم القيامة وفداً إليه، والوفد هم القادمون ركباناً، ومنه الوفود وركوبهم على نجائب من نور من مراكب الدار الآخرة. وهم قادمون على خير موفود إليه إلى دار كرامته ورضوانه، وأما المجرمون المكذبون للرسل المخالفون لهم، فإنهم يساقون عنفاً إلى النار { وِرْداً } عطاشاً، قاله عطاء وابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة وغير واحد، وههنا يقالأَيُّ ٱلْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً } مريم 73. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا ابن خالد عن عمرو بن قيس الملائي عن ابن مرزوق { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } قال يستقبل المؤمن عند خروجه من قبره أحسن صورة رآها وأطيبها ريحاً، فيقول من أنت؟ فيقول أما تعرفني؟ فيقول لا، إلا أن الله قد طيب ريحك وحسن وجهك، فيقول أنا عملك الصالح، هكذا كنت في الدنيا حسن العمل طيبه، فطالما ركبتك في الدنيا، فهلم اركبني، فيركبه، فذلك قوله { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً }. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } قال ركباناً. وقال ابن جرير حدثني ابن المثنى، حدثنا ابن مهدي عن شعبة عن إسماعيل عن رجل عن أبي هريرة { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } قال على الإبل. وقال ابن جريج على النجائب. وقال الثوري على الإبل النوق. وقال قتادة { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } قال إلى الجنة. وقال عبد الله بن الإمام أحمد في مسند أبيه حدثنا سويد بن سعيد، أخبرنا علي بن مسهر عن عبد الرحمن بن إسحاق، حدثنا النعمان بن سعد، قال كنا جلوساً عند علي رضي الله عنه، فقرأ هذه الآية { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } قال لا والله ما على أرجلهم يحشرون، ولا يحشر الوفد على أرجلهم، ولكن بنوق لم ير الخلائق مثلها، عليها رحائل من ذهب، فيركبون عليها حتى يضربوا أبواب الجنة، وهكذا رواه ابن أبي حاتم وابن جرير من حديث عبد الرحمن بن إسحاق المدني به. وزاد عليها رحائل من ذهب، وأزمتها الزبرجد، والباقي مثله. وروى ابن أبي حاتم ههنا حديثاً غريباً جداً مرفوعاً عن علي، فقال حدثنا أبي، حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي، حدثنا مسلمة بن جعفر البجلي، سمعت أبا معاذ البصري قال إن علياً كان ذات يوم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ هذه الآية { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } فقال ما أظن الوفد إلا الركب يا رسول الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2 3