الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُواْ يٰمَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً } * { يٰأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ ٱمْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً } * { فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُواْ كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي ٱلْمَهْدِ صَبِيّاً } * { قَالَ إِنِّي عَبْدُ ٱللَّهِ آتَانِيَ ٱلْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً } * { وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِٱلصَّلاَةِ وَٱلزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً } * { وَبَرّاً بِوَٰلِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً } * { وَٱلسَّلاَمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً }

يقول تعالى مخبراً عن مريم حين أمرت أن تصوم يومها ذلك، وأن لا تكلم أحداً من البشر، فإنها ستكفى أمرها، ويقام بحجتها، فسلمت لأمر الله عز وجل، واستسلمت لقضائه، فأخذت ولدها، فأتت به قومها تحمله، فلما رأوها كذلك، أعظموا أمرها، واستنكروه جداً، وقَالُواْ { يٰمَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً } ، أي أمراً عظيماً، قاله مجاهد وقتادة والسدي وغير واحد. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي، حدثنا عبد الله ابن أبي زياد، حدثنا سيّار، حدثنا جعفر بن سليمان، حدثنا أبو عمران الجوني عن نوف البكالي قال وخرج قومها في طلبها، قال وكانت من أهل بيت نبوة وشرف، فلم يحسوا منها شيئاً، فلقوا راعي بقر، فقالوا رأيت فتاة كذا وكذا نعتها؟ قال لا، ولكني رأيت الليلة من بقري ما لم أره منها قط، قالوا وما رأيت؟ قال رأيتها الليلة تسجد نحو هذا الوادي. قال عبد الله بن أبي زياد وأحفظ عن سيّار أنه قال رأيت نوراً ساطعاً، فتوجهوا حيث قال لهم، فاستقبلتهم مريم، فلما رأتهم، قعدت وحملت ابنها في حجرها، فجاؤوا حتى قاموا عليها، { قَالُواْ يٰمَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً } أمراً عظيماً { يٰأُخْتَ هَـٰرُونَ } أي يا شبيهة هارون في العبادة { مَا كَانَ أَبُوكِ ٱمْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً } أي أنت من بيت طيب طاهر معروف بالصلاح والعبادة والزهادة، فكيف صدر هذا منك؟ قال علي بن أبي طلحة والسدي قيل لها { يٰأُخْتَ هَـٰرُونَ } أي أخي موسى، وكانت من نسله كما يقال للتميمي يا أخا تميم، وللمضري يا أخا مضر وقيل نسبت إلى رجل صالح كان فيهم اسمه هارون، فكانت تقاس به في الزهادة والعبادة، وحكى ابن جرير عن بعضهم أنهم شبهوها برجل فاجر كان فيهم يقال له هارون. ورواه ابن أبي حاتم عن سعيد ابن جبير، وأغرب من هذا كله ما رواه ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين الهسنجاني، حدثنا ابن أبي مريم، حدثنا المفضل بن فضالة، حدثنا أبو صخر عن القرظي في قول الله عز وجل { يٰأُخْتَ هَـٰرُونَ } قال هي أخت هارون لأبيه وأمه، وهي أخت موسى أخي هارون التي قصت أثر موسىفَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } القصص 11 وهذا القول خطأ محض، فإن الله تعالى قد ذكر في كتابه أنه قفى بعيسى بعد الرسل، فدل على أنه آخر الأنبياء بعثاً، وليس بعده إلا محمد صلوات الله وسلامه عليهما، ولهذا ثبت في " صحيح البخاري " عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " أنا أولى الناس بابن مريم، إلا أنه ليس بيني وبينه نبي "

السابقالتالي
2 3 4