الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ رَبِّ ٱجْعَل لِيۤ آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيّاً } * { فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ ٱلْمِحْرَابِ فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُواْ بُكْرَةً وَعَشِيّاً }

يقول تعالى مخبراً عن زكريا عليه السلام أنه { قَالَ رَبِّ ٱجْعَل لِّيۤ ءَايَةً } أي علامة ودليلاً على وجود ما وعدتني، لتستقر نفسي، ويطمئن قلبي بما وعدتني، كما قال إبراهيم عليه السلامرَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ ٱلْمَوْتَىٰ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ وَلَـٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِى } الآية البقرة 260 { قَالَ ءَايَتُكَ } أي علامتك { أَلاَّ تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلَـٰثَ لَيَالٍ سَوِيّاً } أي أن تحبس لسانك عن الكلام ثلاث ليال، وأنت صحيح سوي، من غير مرض ولا علة، قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة ووهب والسدي وقتادة وغير واحد اعتقل لسانه من غير مرض ولا علة. قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم كان يقرأ ويسبح، ولا يستطيع أن يكلم قومه إلا إشارة. وقال العوفي عن ابن عباس { ثَلَـٰثَ لَيَالٍ سَوِيّاً } أي متتابعات، والقول الأول عنه وعن الجمهور أصح، كما قال تعالى في آل عمرانقَالَ رَبِّ ٱجْعَل لِّيۤ ءَايَةً قَالَ ءَايَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلَـٰثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا وَٱذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِبْكَـٰرِ } آل عمران 41 وقال مالك عن زيد ابن أسلم { ثَلَـٰثَ لَيَالٍ سَوِيّاً } من غير خرس، وهذا دليل على أنه لم يكن يكلم الناس في هذه الليالي الثلاث وأيامهاإِلاَّ رَمْزًا } آل عمران 41 أي إشارة، ولهذا قال في هذه الآية الكريمة { فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ ٱلْمِحْرَابِ } أي الذي بشر فيه بالولد { فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ } أي أشار إشارة خفية سريعة { أَن سَبِّحُواْ بُكْرَةً وَعَشِيّاً } أي موافقة له فيما أمر به في هذه الأيام الثلاثة زيادة على أعماله شكراً لله على ما أولاه. قال مجاهد { فأوحى إليهم } ، أي أشار، وبه قال وهب وقتادة. وقال مجاهد في رواية عنه { فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ } أي كتب لهم في الأرض، وكذا قال السدي.