الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَمَّا ٱلْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي ٱلْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِـع عَّلَيْهِ صَبْراً }

في هذه الآية دليل على إطلاق القرية على المدينة، لأنه قال أولاً { حَتَّىٰ إِذَآ أَتَيَآ أَهْلَ قَرْيَةٍ } وقال ههنا { فَكَانَ لِغُلَـٰمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي ٱلْمَدِينَةِ } كما قال تعالىوَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَتْكَ } محمد 13وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْءَانُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } الزخرف 31 يعني مكة والطائف، ومعنى الآية أن هذا الجدار إنما أصلحته لأنه كان لغلامين يتيمين في المدينة، وكان تحته كنز لهما. قال عكرمة وقتادة وغير واحد وكان تحته مال مدفون لهما، وهو ظاهر السياق من الآية، وهو اختيار ابن جرير رحمه الله. وقال العوفي عن ابن عباس كان تحته كنز علم، وكذا قال سعيد بن جبير، وقال مجاهد صحف فيها علم، وقد ورد في حديث مرفوع ما يقوي ذلك. قال الحافظ أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار في مسنده المشهور حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، حدثنا بشر بن المنذر، حدثنا الحارث بن عبد الله اليحصبي عن عياش بن عباس القتباني، عن ابن حجيرة عن أبي ذر رفعه قال " إن الكنز الذي ذكره الله في كتابه لوح من ذهب مصمت، مكتوب فيه عجبت لمن أيقن بالقدر لم نصب، وعجبت لمن ذكر النار لم ضحك، وعجبت لمن ذكر الموت لم غفل، لا إله إلا الله محمد رسول الله " وبشر بن المنذر هذا يقال له قاضي المصيصة. قال الحافظ أبو جعفر العقيلي في حديثه وهم. وقد روي في هذا آثار عن السلف، فقال ابن جرير في تفسيره حدثني يعقوب، حدثنا الحسن بن حبيب بن ندبة، حدثنا سلمة عن نعيم العنبري، وكان من جلساء الحسن، قال سمعت الحسن، يعني البصري يقول في قوله { وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا } قال لوح من ذهب مكتوب فيه بسم الله الرحمن الرحيم، عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن، وعجبت لمن يؤمن بالموت كيف يفرح، وعجبت لمن يعرف الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها، لا إله إلا الله محمد رسول الله. وحدثني يونس، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عبد الله بن عياش عن عمر مولى غفرة قال إن الكنز الذي قال الله في السورة التي يذكر فيها الكهف { وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا } قال كان لوحاً من ذهب مصمت، مكتوب فيه بسم الله الرحمن الرحيم، عجب لمن عرف النار ثم ضحك، عجب لمن أيقن بالقدر ثم نصب، عجب لمن أيقن بالموت ثم أمن، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. وحدثني أحمد بن حازم الغفاري، حدثتنا هنادة بنت مالك الشيبانية قالت سمعت صاحبي حماد بن الوليد الثقفي يقول سمعت جعفر بن محمد يقول في قول الله تعالى { وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا } قال سطران ونصف، لم يتم الثالث عجبت للموقن بالرزق كيف يتعب، وعجبت للمؤمن بالحساب كيف يغفل، وعجبت للمؤمن بالموت كيف يفرح.

السابقالتالي
2 3