يقول تعالى هذا الذي جازيناهم به من البعث على العمى والبكم والصمم جزاؤهم الذي يستحقونه لأنهم كذبوا { بِـأَيَـٰتِنَا } أي بأدلتنا وحجتنا، واستبعدوا وقوع البعث { وَقَالُوۤاْ أَءِذَا كُنَّا عِظَـٰماً وَرُفَـٰتاً } أي بالية نخرة { أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً } أي بعد ما صرنا إليه من البلى والهلاك والتفرق والذهاب في الأرض نعاد مرة ثانية؟ فاحتج تعالى عليهم ونبههم على قدرته على ذلك بأنه خلق السموات والأرض، فقدرته على إعادتهم أسهل من ذلك كما قال{ لَخَلْقُ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ } غافر 57 وقال{ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَلَمْ يَعْىَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ بَلَىٰ } الأحقاف 33 الآية، وقال{ أَوَلَـيْسَ ٱلَذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضَ بِقَـٰدِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَىٰ وَهُوَ ٱلْخَلَّـٰقُ ٱلْعَلِيمُ إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } يس 81 - 82 إلى آخر السورة. وقال ههنا { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ } أي يوم القيامة يعيد أبدانهم، وينشئهم نشأة أخرى كما بدأهم. وقوله { وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ } أي جعل لإعادتهم وإقامتهم من قبورهم أجلاً مضروباً، ومدة مقدرة، لا بد من انقضائها، كما قال تعالى{ وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لأَِجَلٍ مَّعْدُودٍ } هود 104. وقوله { فَأَبَىٰ ٱلظَّـٰلِمُونَ } أي بعد قيام الحجة عليهم { إِلاَّ كُفُورًا } إلا تمادياً في باطلهم وضلالهم.