الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً }

يقول تعالى مخبراً عن تصرفه في خلقه ونفوذ حكمه، وأنه لا معقب له بأنه من يهده فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه، أي يهدونهم، كما قالمَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا } الكهف 17 وقوله { وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ } قال الإمام أحمد حدثنا ابن نمير، حدثنا إسماعيل عن نفيع قال سمعت أنس بن مالك يقول قيل يا رسول الله كيف يحشر الناس على وجوههم؟ قال " الذي أمشاهم على أرجلهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم " ، وأخرجاه في " الصحيحين ". وقال الإمام أحمد أيضاً حدثنا الوليد بن جميع القرشي عن أبيه عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن حذيفة بن أسيد قال قام أبو ذر فقال يا بني غفار قولوا ولا تحلفوا، فإن الصادق المصدوق حدثني أن الناس يحشرون على ثلاثة أفواج فوج راكبين طاعمين كاسين، وفوج يمشون ويسعون، وفوج تسحبهم الملائكة على وجوههم، وتحشرهم إلى النار، فقال قائل منهم هذان قد عرفناهما، فما بال الذين يمشون ويسعون؟ قال " يلقي الله عز وجل الآفة على الظهر حتى لا يبقى ظهر، حتى إن الرجل لتكون له الحديقة المعجبة، فيعطيها بالشارف ذات القتب، فلا يقدر عليها " وقوله { عُمْيًا } أي لا يبصرون، { وَبُكْمًا } يعني لا ينطقون، { وَصُمًّا } لا يسمعون، وهذا يكون في حال دون حال جزاء لهم كما كانوا في الدنيا بكماً وعمياً وصماً عن الحق، فجوزوا في محشرهم بذلك أحوج ما يحتاجون إليه { مَأْوَاهُمْ } أي منقلبهم ومصيرهم { جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ } قال ابن عباس سكنت، وقال مجاهد طفئت، { زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا } أي لهباً ووهجاً وجمراً، كما قالفَذُوقُواْ فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَابًا } النبأ 30.