الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً }

قال الإمام أحمد حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة، عن عبد الله هو ابن مسعود رضي الله عنه قال كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حرث في المدينة، وهو متوكىء على عسيب، فمر بقوم من اليهود، فقال بعضهم لبعض سلوه عن الروح، وقال بعضهم لا تسألوه. قال فسألوه عن الروح، فقالوا يا محمد ما الروح؟ فما زال متوكئاً على العسيب، قال فظننت أنه يوحى إليه، فقال { وَيَسْـأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى وَمَآ أُوتِيتُم مِّن ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } قال فقال بعضهم لبعض قد قلنا لكم لا تسألوه. وهكذا رواه البخاري ومسلم من حديث الأعمش به. ولفظ البخاري عند تفسيره هذه الآية عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال بينا أنا أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرث، وهو متوكىء على عسيب، إذ مر اليهود، فقال بعضهم لبعض سلوه عن الروح، فقال ما رابكم إليه، وقال بعضهم لا يستقبلنكم بشيء تكرهونه. فقالوا سلوه، فسألوه عن الروح، فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم فلم يرد عليهم شيئاً، فعلمت أنه يوحى إليه، فقمت مقامي، فلما نزل الوحي قال { وَيَسْـأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى } الآية، وهذا السياق يقتضي فيما يظهر بادي الرأي أن هذه الآية مدنية، وأنه نزلت حين سأله اليهود عن ذلك بالمدينة، مع أن السورة كلها مكية. وقد يجاب عن هذا بأنه قد تكون نزلت عليه بالمدينة مرة ثانية، كما نزلت عليه بمكة قبل ذلك، أو نزل عليه الوحي بأن يجيبهم عما سألوه بالآية المتقدم إنزالها عليه، وهي هذه الآية { وَيَسْـأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ } ومما يدل على نزول هذه الآية بمكة ما قال الإمام أحمد حدثنا قتيبة، حدثنا يحيى بن زكريا عن داود عن عكرمة، عن ابن عباس قال قالت قريش ليهود أعطونا شيئاً نسأل عنه هذا الرجل، فقالوا سلوه عن الروح، فسألوه، فنزلت { وَيَسْـأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى وَمَآ أُوتِيتُم مِّن ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } قالوا أوتينا علماً كثيراً، أوتينا التوراة، ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيراً كثيراً، قال وأنزل اللهقُل لَّوْ كَانَ ٱلْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَـٰتِ رَبِّى لَنَفِدَ ٱلْبَحْرُ } الآية الكهف 109. وقد روى ابن جرير عن محمد بن المثنى عن عبد الأعلى، عن داود عن عكرمة قال سأل أهل الكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الروح، فأنزل الله { وَيَسْـأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ } الآية، فقالوا تزعم أنا لم نؤت من العلم إلا قليلاً، وقد أوتينا التوراة وهي الحكمةوَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِىَ خَيْرًا كَثِيرًا } البقرة 269 قال فنزلت { وَلَوْ أَنَّمَا فِى ٱلأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ وَٱلْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ } الآية، قال ما أوتيتم من علم، فنجاكم الله به من النار، فهو كثير طيب، وهو في علم الله قليل.

السابقالتالي
2 3