الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلِّ مِنَ ٱلرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ٱرْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً }

يقول تعالى آمراً بعبادته وحده لا شريك له، فإن القضاء ههنا بمعنى الأمر، قال مجاهد { وَقَضَىٰ } يعني وصى، وكذا قرأ أبي بن كعب وابن مسعود والضحاك بن مزاحم { ووصى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه } ولهذا قرن بعبادته برّ الوالدين، فقال { وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَانًا } أي وأمر بالوالدين إحساناً كقوله في الآية الأخرىأَنِ ٱشْكُرْ لِى وَلِوَٰلِدَيْكَ إِلَيَّ ٱلْمَصِيرُ } لقمان 14. وقوله { إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ ٱلْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ } أي لا تسمعهما قولاً سيئاً، حتى ولا التأفيف الذي هو أدنى مراتب القول السيىء { وَلاَ تَنْهَرْهُمَا } أي ولا يصدر منك إليهما فعل قبيح، كما قال عطاء بن رباح في قوله { وَلاَ تَنْهَرْهُمَا } أي لا تنفض يدك عليهما، ولما نهاه عن القول القبيح والفعل القبيح، أمره بالقول والفعل الحسن، فقال { وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا } أي ليناً طيباً حسناً بتأدب وتوقير وتعظيم، { وَٱخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلِّ مِنَ ٱلرَّحْمَةِ } أي تواضع لهما بفعلك { وَقُل رَّبِّ ٱرْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا } أي في كبرهما وعند وفاتهما، قال ابن عباس ثم أنزل اللهمَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوۤاْ أُوْلِي قُرْبَىٰ } الآية التوبة 113. وقد جاء في بر الوالدين أحاديث كثيرة منها الحديث المروي من طرق عن أنس وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صعد المنبر قال " آمين آمين آمين " قيل يا رسول الله علام أمنت؟ قال " أتاني جبريل فقال يا محمد رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل عليك، قل آمين، فقلت آمين، ثم قال رغم أنف رجل دخل عليه شهر رمضان ثم خرج فلم يغفر له، قل آمين، فقلت آمين، ثم قال رغم أنف رجل أدرك والديه، أو أحدهما، فلم يدخلاه الجنة، قل آمين، فقلت آمين ". حديث آخر قال الإمام أحمد حدثنا هشيم، حدثنا علي بن زيد أخبرنا زرارة بن أوفى عن مالك بن الحارث، عن رجل منهم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول " من ضم يتيماً من أبوين مسلمين إلى طعامه وشرابه حتى يستغني عنه، وجبت له الجنة ألبتة، ومن أعتق امرأ مسلماً، كان فكاكه من النار، يجزى بكل عضو منه عضواً منه " ثم قال حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، سمعت علي بن زيد، فذكر معناه، إلا أنه قال عن رجل من قومه يقال له مالك، أو ابن مالك، وزاد " ومن أدرك والديه، أو أحدهما، فدخل النار، فأبعده الله ". حديث آخر - وقال الإمام أحمد حدثنا عفان عن حماد بن سلمة، حدثنا علي بن زيد عن زرارة بن أوفى عن مالك بن عمرو القشيري، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول

السابقالتالي
2 3