الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا ٱلْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً }

اختلف القراء في قراءة قوله { أَمَرْنَا } فالمشهور قراءة التخفيف، واختلف المفسرون في معناها، فقيل معناها أمرنا مترفيها ففسقوا فيها أمراً قدرياً كقوله تعالىأَتَاهَآ أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا } يونس 24 فإن الله لا يأمر بالفحشاء، قالوا معناه أنه سخرهم إلى فعل الفواحش، فاستحقوا العذاب، وقيل معناه أمرناهم بالطاعات ففعلوا الفواحش، فاستحقوا العقوبة، رواه ابن جريج عن ابن عباس، وقاله سعيد بن جبير أيضاً. وقال ابن جرير يحتمل أن يكون معناه جعلناهم أمراء، قلت إنما يجيء هذا على قراءة من قرأ { أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا } ، قال علي بن طلحة عن ابن عباس قوله { أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا } يقول سلطنا أشرارها، فعصوا فيها، فإذا فعلوا ذلك، أهلكهم الله بالعذاب، وهو قولهوَكَذٰلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَـٰبِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا } الآية الأنعام 123، وكذا قال أبو العالية ومجاهد والربيع بن أنس. وقال العوفي عن ابن عباس { وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا } يقول أكثرنا عددهم، وكذا قال عكرمة والحسن والضحاك وقتادة. وعن مالك، عن الزهري { أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا } أكثرنا، وقد استشهد بعضهم بالحديث الذي رواه الإمام أحمد، حيث قال حدثنا روح بن عبادة، حدثنا أبو نعيم العدوي عن مسلم بن بديل، عن إياس بن زهير، عن سويد بن هبيرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " خير مال امرىء له مهرة مأمورة، أو سكة مأبورة " قال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله في كتابه الغريب المأمورة كثيرة النسل، والسكة الطريقة المصطفة من النخل، والمأبورة من التأبير وقال بعضهم إنما جاء هذا متناسباً كقوله " مأزورات غير مأجورات ".