الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ ٱلأَسْمَآءَ ٱلْحُسْنَىٰ وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَٱبْتَغِ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً } * { وَقُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُنْ لَّهُ شَرِيكٌ فِي ٱلْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ ٱلذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً }

يقول تعالى قل يا محمد لهؤلاء المشركين المنكرين صفة الرحمة لله عز وجل، المانعين من تسميته بالرحمن { ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ ٱلأَسْمَآءَ ٱلْحُسْنَىٰ } أي لا فرق بين دعائكم له باسم الله، أو باسم الرحمن، فإنه ذو الأسماء الحسنى، كما قال تعالىهُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِى لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلرَّحِيمُ } - إلى أن قال -لَهُ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } الحشر 22 - 24 الآية، وقد روى مكحول أن رجلاً من المشركين سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول في سجوده " يا رحمن يا رحيم " فقال إنه يزعم أنه يدعو واحداً، وهو يدعو اثنين، فأنزل الله هذه الآية، وكذا روي عن ابن عباس، رواهما ابن جرير. وقوله { وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ } الآية قال الإمام أحمد حدثنا هشيم، حدثنا أبو بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال نزلت هذه الآية، ورسول الله صلى الله عليه وسلم متوارٍ بمكة { وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا } قال كان إذا صلى بأصحابه، رفع صوته بالقرآن، فلما سمع ذلك المشركون، سبوا القرآن، وسبوا من أنزله ومن جاء به، قال فقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم { وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ } أي بقراءتك، فيسمع المشركون، فيسبون القرآن { وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا } عن أصحابك، فلا تسمعهم القرآن حتى يأخذوه عنك، { وَٱبْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلاً } أخرجاه في " الصحيحين " من حديث أبي بشر جعفر بن إياس به، وكذا رواه الضحاك عن ابن عباس، وزاد فلما هاجر إلى المدينة، سقط ذلك، يفعل أي ذلك شاء. وقال محمد بن إسحاق حدثني داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جهر بالقرآن وهو يصلي، تفرقوا عنه وأبوا أن يسمعوا منه، وكان الرجل إذا أراد أن يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض ما يتلو، وهو يصلي، استرق السمع دونهم فرقاً منهم، فإذا رأى أنهم قد عرفوا أنه يستمع، ذهب خشية أذاهم، فلم يسمع، فإن خفض صوته صلى الله عليه وسلم لم يسمع الذين يستمعون من قراءته شيئاً، فأنزل الله { وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ } فيتفرقوا عنك { وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا } فلا يسمع من أراد أن يسمع ممن يسترق ذلك منهم، فلعله يرعوي إلى بعض ما يسمع فينتفع به، { وَٱبْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلاً } وهكذا قال عكرمة والحسن البصري وقتادة نزلت هذه الآية في القراءة في الصلاة، وقال شعبة عن الأشعث بن أبي سليم عن الأسود بن هلال عن ابن مسعود لم يخافت بها من أسمع أذنيه.

السابقالتالي
2 3