الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَسْئَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَآءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَونُ إِنِّي لأَظُنُّكَ يٰمُوسَىٰ مَسْحُوراً } * { قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَآ أَنزَلَ هَـٰؤُلاۤءِ إِلاَّ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ بَصَآئِرَ وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يٰفِرْعَونُ مَثْبُوراً } * { فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ ٱلأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعاً } * { وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱسْكُنُواْ ٱلأَرْضَ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً }

يخبر تعالى أنه بعث موسى بتسع آيات بينات، وهي الدلائل القاطعة على صحة نبوته وصدقه فيما أخبر به عمن أرسله إلى فرعون، وهي العصا واليد والسنين والبحر والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم، آيات مفصلات، قاله ابن عباس. وقال محمد بن كعب هي اليد والعصا، والخمس في الأعراف، والطمسة والحجر، وقال ابن عباس أيضاً ومجاهد وعكرمة والشعبي وقتادة هي يده وعصاه والسنين ونقص الثمرات والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم، وهذا القول ظاهر جلي حسن قوي، وجعل الحسن البصري السنين ونقص الثمرات واحدة، وعنده أن التاسعة هي تلقف العصا ما يأفكون،فَٱسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ } الأعراف 133 أي ومع هذه الآيات ومشاهدتهم لها، كفروا بها وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً، وما نجعت فيهم، فكذلك لو أجبنا هؤلاء الذين سألوا منك ما سألوا، وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً إلى آخرها، لما استجابوا ولا آمنوا إلا أن يشاء الله، كما قال فرعون لموسى، وقد شاهد منه ما شاهد من هذه الآيات { إِنِّى لأَظُنُّكَ يٰمُوسَىٰ مَسْحُورًا } قيل بمعنى ساحر، والله تعالى أعلم. فهذه الآيات التسع التي ذكرها هؤلاء الأئمة هي المراد ههنا، وهي المعنية في قوله تعالىوَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنٌّ وَلَّىٰ مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يٰمُوسَىٰ لاَ تَخَفْ } إلى قولهفِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ } النمل 10 ـ 12 فذكر هاتين الآيتين العصا واليد، وبين الآيات الباقيات في سورة الأعراف وفصلها. وقد أوتي موسى عليه السلام آيات أخر كثيرة، منها ضربة الحجر بالعصا، وخروج الماء منه، ومنها تظليلهم بالغمام، وإنزال المن والسلوى، وغير ذلك مما أوتيه بنو إسرائيل بعد مفارقتهم بلاد مصر، ولكن ذكر ههنا التسع الآيات التي شاهدها فرعون وقومه من أهل مصر، فكانت حجة عليهم، فخالفوها وعاندوها كفراً وجحوداً. فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد حدثنا يزيد حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة قال سمعت عبد الله بن سلمة يحدث عن صفوان بن عسال المرادي رضي الله عنه قال قال يهودي لصاحبه اذهب بنا إلى هذا النبي حتى نسأله عن هذه الآية { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ } فقال لا تقل له نبي، فإنه لو سمعك، لصارت له أربع أعين، فسألاه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تسحروا، ولا تأكلوا الربا، ولا تمشوا ببريء إلى ذي سلطان ليقتله، ولا تقذفوا محصنة - أو قال لا تفروا من الزحف، شعبة الشاك - وأنتم يا يهود عليكم خاصة أن لا تعدوا في السبت "

السابقالتالي
2