الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱللَّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـٰهَيْنِ ٱثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلـٰهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَٱرْهَبُونِ } * { وَلَهُ مَا فِي ٱلْسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَهُ ٱلدِّينُ وَاصِباً أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَتَّقُونَ } * { وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ } * { ثُمَّ إِذَا كَشَفَ ٱلضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ } * { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ }

يخبر تعالى أنه لا إله إلا هو، وأنه لا ينبغي العبادة إلا له وحده لا شريك له، فإنه مالك كل شيء وخالقه وربه { وَلَهُ ٱلدِّينُ وَاصِبًا } قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وميمون بن مهران والسدي وقتادة وغير واحد أي دائماً، وعن ابن عباس أيضا أي واجباً. وقال مجاهد أي خالصاً له، أي له العبادة وحده ممن في السموات والأرض، كقولهأَفَغَيْرَ دِينِ ٱللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلاَْرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ } آل عمران 83 هذا على قول ابن عباس وعكرمة، فيكون من باب الخبر، وأما على قول مجاهد، فإنه يكون من باب الطلب، أي ارهبوا أن تشركوا بي شيئاً، وأخلصوا لي الطاعة كقوله تعالىأَلاَ لِلَّهِ ٱلدِّينُ ٱلْخَالِصُ } الزمر 3 ثم أخبر أنه مالك النفع والضر، وأن ما بالعباد من رزق ونعمة وعافية ونصر فمن فضله عليهم، وإحسانه إليهم { ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْـئَرُونَ } أي لعلمكم أنه لا يقدر على إزالته إلا هو، فإنكم عند الضرورات تلجؤون إليه وتسألونه، وتلحون في الرغبة إليه مستغيثين به، كقوله تعالىوَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ فِى ٱلْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّـٰكُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ ٱلإِنْسَـٰنُ كَفُورًا } الإسراء 67 وقال ههنا { ثُمَّ إِذَا كَشَفَ ٱلضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ لِيَكْفُرُواْ بِمَآ ءاتَيْنَـٰهُمْ } قيل اللام ههنا لام العاقبة. وقيل لام التعليل، بمعنى قيضنا لهم ذلك ليكفروا، أي يستروا ويجحدوا نعم الله عليهم، وأنه المسدي إليهم النعم، الكاشف عنهم النقم، ثم توعدهم قائلاً { فَتَمَتَّعُواْ } أي اعملوا ما شئتم، وتمتعوا بما أنتم فيه قليلاً، { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } أي عاقبة ذلك.