الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ تَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { خَلَقَ ٱلإِنْسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ }

يخبر تعالى عن خلقه العالم العلوي، وهو السموات، والعالم السفلي، وهو الأرض بما حوت، وأن ذلك مخلوق بالحق، لا للعبث بللِيَجْزِىَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيِجْزِى ٱلَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِٱلْحُسْنَى } النجم 31 ثم نزه نفسه عن شرك من عبد معه غيره، وهو المستقل بالخلق وحده لا شريك له، فلهذا يستحق أن يعبد وحده لا شريك له، ثم نبه على خلق جنس الإنسان من نطفة، أي مهينة ضعيفة، فلما استقل ودرج، إذا هو يخاصم ربه تعالى، ويكذبه، ويحارب رسله، وهو إنما خلق ليكون عبداً لا ضداً كقوله تعالىوَهُوَ ٱلَّذِى خَلَقَ مِنَ ٱلْمَآءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُهُمْ وَلاَ يَضُرُّهُمْ وَكَانَ ٱلْكَـٰفِرُ عَلَىٰ رَبِّهِ ظَهِيراً } الفرقان54-55. وقولهأَوَلَمْ يَرَ ٱلإِنسَـٰنُ أَنَّا خَلَقْنَـٰهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مٌّبِينٌ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِىَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحىِ ٱلْعِظَـٰمَ وَهِىَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا ٱلَّذِىۤ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ } يس77-79 وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد وابن ماجه عن بُسْر بن جحاش قال بصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في كفه، ثم قال " يقول الله تعالى ابن آدم أنى تعجزني، وقد خلقتك من مثل هذه، حتى إذا سويتك فعدلتك، مشيت بين برديك، وللأرض منك وئيد، فجمعت ومنعت حتى إذا بلغت الحلقوم قلت أتصدق، وأنى أوان الصدقة؟ ".