الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَّاذَآ أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ }

يقول تعالى وإذا قيل لهؤلاء المكذبين { مَّاذَآ أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوۤاْ } معرضين عن الجواب { أَسَـٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } أي لم ينزل شيئاً، إنما هذا الذي يتلى علينا أساطير الأولين، أي مأخوذ من كتب المتقدمين كما قال تعالىوَقَالُوۤاْ أَسَـٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ ٱكْتَتَبَهَا فَهِىَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } الفرقان 5 أي يفترون على الرسول، ويقولون أقوالاً متضادة مختلفة، كلها باطلة، كما قال تعالىٱنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلاَْمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً } الإسراء 48 وذلك أن كل من خرج عن الحق، فمهما قال، أخطأ، وكانوا يقولون ساحر وشاعر وكاهن ومجنون، ثم استقر أمرهم إلى ما اختلقه لهم شيخهم الوحيد المسمى بالوليد بن المغيرة المخزومي لمافَكَّر وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَٱسْتَكْبَرَ فَقَالَ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ } المدثر18-24 أي ينقل ويحكى، فتفرقوا عن قوله ورأيه قبحهم الله، قال تعالى { لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ } أي إنما قدرنا عليهم أن يقولوا ذلك ليتحملوا أوزارهم ومن أوزار الذين يتبعونهم ويوافقونهم، أي يصير عليهم خطيئة ضلالهم في أنفسهم، وخطيئة إغوائهم لغيرهم واقتداء أولئك بهم، كما جاء في الحديث " من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من اتبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً " وقال تعالىوَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْـئَلُنَّ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ عَمَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } العنكبوت 13 وهكذا روى العوفي عن ابن عباس في الآية { لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ } أنها كقولهوَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ } العنكبوت 13 وقال مجاهد يحملون أثقالهم ذنوبهم وذنوب من أطاعهم، ولا يخفف عمن أطاعهم من العذاب شيئاً.