الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَعَلَىٰ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } * { ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوۤاْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }

لما ذكر تعالى أنه إنما حرم علينا الميتة والدم ولحم الخنزير، وما أهل لغير الله به، وإنما أرخص فيه عند الضرورة، وفي ذلك توسعة لهذه الأمة التي يريد الله بها اليسر ولا يريد بها العسر، ذكر سبحانه وتعالى ما كان حرمه على اليهود في شريعتهم قبل أن ينسخها، وما كانوا فيه من الآصار والتضييق والأغلال والحرج، فقال { وَعَلَىٰ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ } أي في سورة الأنعام في قولهوَعَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِى ظُفُرٍ وَمِنَ ٱلْبَقَرِ وَٱلْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَآ إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَآ أَوِ ٱلْحَوَايَآ أَوْ مَا ٱخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَٰلِكَ جَزَيْنَـٰهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَـٰدِقُونَ } الأنعام 146 ولهذا قال ههنا { وَمَا ظَلَمْنَـٰهُمْ } أي فيما ضيقنا عليهم { وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } أي فاستحقوا ذلك كقولهفَبِظُلْمٍ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَـٰتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ كَثِيراً } النساء 160 ثم أخبر تعالى تكرماً وامتناناً في حق العصاة المؤمنين أن من تاب منهم إليه، تاب عليه، فقال { ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَـٰلَةٍ } قال بعض السلف كل من عصى الله فهو جاهل { ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوۤاْ } أي أقلعوا عما كانوا فيه من المعاصي، وأقبلوا على فعل الطاعات { إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا } أي تلك الفعلة والزلة { لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }.