الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَآءَ أَهْلُ ٱلْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ } * { قَالَ إِنَّ هَؤُلآءِ ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ } * { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ } * { قَالُواْ أَوَ لَمْ نَنْهَكَ عَنِ ٱلْعَالَمِينَ } * { قَالَ هَؤُلآءِ بَنَاتِي إِن كُنْتُمْ فَاعِلِينَ } * { لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ }

يخبر تعالى عن مجيء قوم لوط لما علموا بأضيافه وصباحة وجوههم، وأنهم جاؤوا مستبشرين بهم فرحين { قَالَ إِنَّ هَـٰؤُلآءِ ضَيْفِى فَلاَ تَفْضَحُونِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ } وهذا إنما قاله لهم قبل أن يعلم أنهم رسل الله كما قال في سورة هود، وأما ههنا، فتقدم ذكر أنهم رسل الله وعطف بذكر مجيء قومه ومحاجته لهم، ولكن الواو لا تقتضي الترتيب، ولا سيما إذا دل دليل على خلافه، فقالوا له مجيبين { أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ ٱلْعَـٰلَمِينَ } أي أو ما نهيناك أن تضيف أحداً؟ فأرشدهم إلى نسائهم، وما خلق لهم ربهم منهن من الفروج المباحة. وقد تقدم إيضاح القول في ذلك بما أغنى عن إعادته. هذا كله وهم غافلون عما يراد بهم، وما قد أحاط بهم من البلاء، وماذا يصبحهم من العذاب المنتظر. ولهذا قال تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم { لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِى سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ } أقسم تعالى بحياة نبيه صلوات الله وسلامه عليه، وفي هذا تشريف عظيم ومقام رفيع وجاه عريض. قال عمرو بن مالك البكري عن أبي الجوزاء عن ابن عباس أنه قال ما خلق الله وما ذرأ وما برأ نفساً أكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم وما سمعت الله أقسم بحياة أحد غيره، قال الله تعالى { لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِى سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ } يقول وحياتك وعمرك وبقاؤك في الدنيا { إِنَّهُمْ لَفِى سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ } رواه ابن جرير، وقال قتادة { لَفِى سَكْرَتِهِمْ } أي في ضلالهم { يَعْمَهُونَ } أي يلعبون، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس { لَعَمْرُكَ } لعيشك { إِنَّهُمْ لَفِى سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ } قال يترددون.