الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤرَ تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ } * { رُّبَمَا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ } * { ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ ٱلأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ }

قد تقدم الكلام على الحروف المقطعة في أوائل السور. وقوله تعالى { رُّبَمَا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } الآية، إخبار عنهم أنهم سيندمون على ما كانوا فيه من الكفر، ويتمنون لو كانوا في الدنيا مسلمين، ونقل السدي في تفسيره بسنده المشهور عن ابن عباس وابن مسعود وغيرهما من الصحابة أن كفار قريش لما عرضوا على النار، تمنوا أن لو كانوا مسلمين. وقيل إن المراد أن كل كافر يود عند احتضاره أن لو كان مؤمناً. وقيل هذا إخبار عن يوم القيامة كقوله تعالىوَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ فَقَالُواْ يٰلَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِـآيَـٰتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } الأنعام 27 وقال سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل، عن أبي الزاهرية، عن عبد الله في قوله { رُّبَمَا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ } قال هذا في الجهنميين إذا رأوهم يخرجون من النار، وقال ابن جرير حدثني المثنى، حدثنا مسلم، حدثنا القاسم، حدثنا ابن أبي فروة العبدي أن ابن عباس وأنس بن مالك كانا يتأولان هذه الآية { رُّبَمَا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ } يتأولانها يوم يحبس الله أهل الخطايا من المسلمين مع المشركين في النار، قال فيقول لهم المشركون ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون في الدنيا، قال فيغضب الله لهم بفضل رحمته، فيخرجهم، فذلك حين يقول { رُّبَمَا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ }. وقال عبد الرزاق أخبرنا الثوري عن حماد عن إبراهيم، وعن خصيف عن مجاهد، قالا يقول أهل النار للموحدين ما أغنى عنكم إيمانكم؟ فإذا قالوا ذلك، قال الله أخرجوا من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان، قال فعند ذلك قوله { رُّبَمَا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ } ، وهكذا روي عن الضحاك وقتادة وأبي العالية وغيرهم، وقد ورد في ذلك أحاديث مرفوعة، فقال الحافظ أبو القاسم الطبراني حدثنا محمد بن العباس، هو الأخرم، حدثنا محمد بن منصور الطوسي، حدثنا صالح بن إسحاق الجهبذ، وابن علية يحيى بن موسى، حدثنا معرف بن واصل عن يعقوب بن نباتة عن عبد الرحمن الأغر، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن ناساً من أهل لا إله إلا الله يدخلون النار بذنوبهم، فيقول لهم أهل اللات والعزى ما أغنى عنكم قولكم لا إله إلا الله، وأنتم معنا في النار؟ فيغضب الله لهم، فيخرجهم فيلقيهم في نهر الحياة، فيبرؤون من حرقهم كما يبرأ القمر من خسوفه، ويدخلون الجنة، ويسمون فيها الجهنميين " ، فقال رجل يا أنس أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال أنس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول

السابقالتالي
2 3