الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } * { وَٱلْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ ٱلسَّمُومِ }

قال ابن عباس ومجاهد وقتادة المراد بالصلصال ههنا التراب اليابس، والظاهر أنه كقوله تعالىخَلَقَ ٱلإِنسَـٰنَ مِن صَلْصَـٰلٍ كَٱلْفَخَّارِ وَخَلَقَ ٱلْجَآنَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ } الرحمن14-15 وعن مجاهد أيضاً { صَلْصَـٰلٍ } المنتن، وتفسير الآية بالآية أولى. قوله { مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } أي الصلصال من حمأ، وهو الطين. والمسنون الأملس، كما قال الشاعر
ثُمَّ خاصَرْتُها إلى القُبَّةِ الخَضْـ راءِ تَمْشي في مَرْمَرٍ مَسْنونِ   
أي أملس صقيل، ولهذا روي عن ابن عباس أنه قال هو التراب الرطب، وعن ابن عباس ومجاهد أيضاً والضحاك أن الحمأ المسنون هو المنتن. وقيل المراد بالمسنون ههنا المصبوب. وقوله { وَٱلْجَآنَّ خَلَقْنَـٰهُ مِن قَبْلُ } أي من قبل الإنسان { مِن نَّارِ ٱلسَّمُومِ } قال ابن عباس هي السموم التي تقتل، وقال بعضهم السموم بالليل، والنهار، ومنهم من يقول السموم بالليل والحرور بالنهار. وقال أبو داود الطيالسي حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال دخلت على عمر الأصم أعوده، فقال ألا أحدثك حديثاً سمعته من عبد الله بن مسعود؟ يقول هذه السموم جزء من سبعين جزءاً من السموم التي خلق منها الجان، ثم قرأ { وَٱلْجَآنَّ خَلَقْنَـٰهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ ٱلسَّمُومِ } وعن ابن عباس أن الجان خلق من لهب النار، وفي رواية من أحسن النار. وعن عمرو بن دينار من نار الشمس. وقد ورد في الصحيح " خلقت الملائكة من نور، وخلقت الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم " والمقصود من الآية التنبيه على شرف آدم عليه السلام، وطيب عنصره، وطهارة محتده.