يخبر تعالى أنه مالك كل شيء، وأن كل شيء سهل عليه، يسير لديه، وأن عنده خزائن الأشياء من جميع الصنوف { وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ } كما يشاء وكما يريد، ولما له في ذلك من الحكمة البالغة والرحمة بعباده، لا على جهة الوجوب، بل هو كتب على نفسه الرحمة. قال يزيد بن أبي زياد عن أبي جحيفة عن عبد الله ما من عام بأمطر من عام، ولكن الله يقسمه بينهم حيث شاء، عاماً ههنا، وعاماً ههنا، ثم قرأ { وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ } الآية، رواه ابن جرير، وقال أيضاً حدثنا القاسم، حدثنا الحسن، حدثنا هشيم، أخبرنا إسماعيل بن سالم عن الحكم بن عتيبة في قوله { وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ } قال ما عام بأكثر مطراً من عام، ولا أقل، ولكنه يمطر قوم، ويحرم آخرون بما كان في البحر، قال وبلغنا أنه ينزل مع المطر من الملائكة أكثر من عدد ولد إبليس، وولد آدم، يحصون كل قطرة حيث تقع، وما تنبت. وقال البزار حدثنا داود، هو ابن بكر التستري، حدثنا حيان بن أغلب بن تميم، حدثني أبي عن هشام، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " خزائن الله الكلام، فإذا أراد شيئاً قال له كن، فكان " ثم قال لا يرويه إلا أغلب، وليس بالقوي، وقد حدث عنه غير واحد من المتقدمين، ولم يروه عنه إلا ابنه. وقوله تعالى { وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَاحَ لَوَاقِحَ } أي تلقح السحاب، فتدر ماء، وتلقح الشجر، فتفتح عن أوراقها وأكمامها، وذكرها بصيغة الجمع ليكون منها الإنتاج بخلاف الريح العقيم، فإنه أفردها، ووصفها بالعقيم، وهو عدم الإنتاج لأنه لا يكون إلا من شيئين فصاعداً. وقال الأعمش عن المنهال بن عمرو، عن قيس بن السكن، عن عبد الله بن مسعود في قوله { وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَاحَ لَوَاقِحَ } قال ترسل الريح، فتحمل الماء من السماء، ثم تمري السحاب حتى تدر كما تدر اللقحة، وكذا قال ابن عباس وإبراهيم النخعي وقتادة. وقال الضحاك يبعثها الله على السحاب، فتلقحه فيمتلىء ماء. وقال عبيد بن عمير الليثي يبعث الله المبشرة، فتقم الأرض قماً، ثم يبعث الله المثيرة، فتثير السحاب، ثم يبعث الله المؤلفة، فتؤلف السحاب، ثم يبعث الله اللواقح، فتلقح الشجر، ثم تلا { وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَاحَ لَوَاقِحَ }. وقد روى ابن جرير من حديث عبيس بن ميمون عن أبي المهزم عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " الريح الجنوب من الجنة، وهي الريح اللواقح، وهي التي ذكر الله في كتابه، وفيها منافع للناس "