الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }

هذا من لطفه تعالى بخلقه أنه يرسل إليهم رسلاً منهم بلغاتهم ليفهموا عنهم ما يريدون، وما أرسلوا به إليهم كما روى الإمام أحمد حدثنا وكيع عن عمر بن ذر قال قال مجاهد عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لم يبعث الله عز وجل نبياً إلا بلغة قومه " وقوله { فَيُضِلُّ ٱللَّهُ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ } أي بعد البيان وإقامة الحجة عليهم، يضل الله من يشاء عن وجه الهدى، ويهدي من يشاء إلى الحق { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } الذي ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، { ٱلْحَكِيمُ } في أفعاله، فيضل من يستحق الإضلال، ويهدي من هو أهل لذلك، وقد كانت هذه سنته في خلقه، أنه ما بعث نبياً في أمة، إلا أن يكون بلغتهم، فاختص كل نبي بإبلاغ رسالته إلى أمته دون غيرهم، واختص محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم بعموم الرسالة إلى سائر الناس كما ثبت في الصحيحين عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، وأحلت لي الغنائم، ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة " وله شواهد من وجوه كثيرة. وقال تعالىقُلْ يَٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّى رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا } الأعراف 158.