يقول تعالى آمراً عباده بطاعته والقيام بحقه والإحسان إلى خلقه بأن يقيموا الصلاة، وهي عبادة الله وحده لا شريك له، وأن ينفقوا مما رزقهم الله بأداء الزكوات والنفقة على القرابات والإحسان إلى الأجانب، والمراد بإقامتها هو المحافظة على وقتها وحدودها وركوعها وخشوعها وسجودها، وأمر تعالى بالإنفاق مما رزق في السر، أي في الخفية، والعلانية، وهي الجهر، وليبادروا إلى ذلك لخلاص أنفسهم { مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌ } وهو يوم القيامة { لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلَـٰلٌ } أي ولا يقبل من أحد فدية بأن تباع نفسه كما قال تعالى{ فَٱلْيَوْمَ لاَ يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلاَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } الحديد 15 وقوله { وَلاَ خِلَـٰلٌ } قال ابن جرير يقول ليس هناك مخالة خليل، فيصفح عمن استوجب العقوبة عن العقاب لمخالفته، بل هناك العدل والقسط، والخلال مصدر من قول القائل خاللت فلاناً، فأنا أخالُّه مُخالَّة وخلال، ومنه قول امرىء القيس
وقال قتادة إن الله قد علم أن في الدنيا بيوعاً وخلالاً يتخالون بها في الدنيا، فينظر رجل من يخالل، وعلام يصاحب، فإن كان لله فليداوم، وإن كان لغير الله، فسيقطع عنه، قلت والمراد من هذا أنه يخبر تعالى أنه لا ينفع أحداً بيع ولا فدية، ولو افتدى بملء الأرض ذهباً لو وجده، ولا تنفعه صداقة أحد، ولا شفاعة أحد، إذا لقي الله كافراً، قال الله تعالى{ وَٱتَّقُواْ يَوْمًا لاَّ تَجْزِى نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَـٰعَةٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } البقرة 123 وقال تعالى{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَـٰكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَـٰعَةٌ وَٱلْكَـٰفِرُونَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ } البقرة 254.