الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ }

قال البخاري حدثنا أبو الوليد، حدثنا شعبة، أخبرني علقمة بن مرثد قال سمعت سعد بن عبيدة عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " المسلم إذا سئل في القبر، شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فذلك قوله { يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَفِى ٱلأَخِرَةِ } " ورواه مسلم أيضاً وبقية الجماعة كلهم من حديث شعبة به. وقال الإمام أحمد حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش عن المنهال بن عمرو، عن زاذان عن البراء بن عازب قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر، ولما يلحد، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله كأن على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت به الأرض، فرفع رأسه فقال " استعيذوا بالله من عذاب القبر " مرتين أو ثلاثاً، ثم قال " إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة، نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مدّ البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول أيتها النفس الطيبة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان قال فتخرج تسيل، كما تسيل القطرة من في السقاء، فيأخذها، فإذا أخذها، لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها، فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها، فلا يمرون بها، يعني على ملأ من الملائكة، إلا قالوا ما هذه الروح الطيبة؟ فيقولون فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا، حتى ينتهوا به إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له، فيفتح له، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها، حتى ينتهى بها إلى السماء السابعة، فيقول الله اكتبوا كتاب عبدي في عليين، وأعيدوه إلى الأرض، فإني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى قال فتعاد روحه في جسده، فيأتيه ملكان، فيجلسانه، فيقولان له من ربك؟ فيقول ربي الله، فيقولان له ما دينك؟ فيقول ديني الإسلام، فيقولان له ما هذا الرجل الذين بعث فيكم؟ فيقول هو رسول الله، فيقولان له وما علمك؟ فيقول قرأت كتاب الله، فآمنت به وصدقت، فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي، فأفرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له باباً إلى الجنة قال فيأتيه من روحها وطيبها، ويفسح له في قبره مد بصره، ويأتيه رجل حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، فيقول أبشر بالذي يسرك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له من أنت؟ فوجهك الوجه الذي يأتي بالخير، فيقول أنا عملك الصالح، فيقول رب أقم الساعة، رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي - قال - وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة، نزل إليه ملائكة من السماء سود الوجوه، معهم المسوح، فجلسوا منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت، فيجلس عند رأسه، فيقول أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب قال فتفرق في جسده، فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول، فيأخذها، فإذا أخذها، لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح، فيخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذه الروح الخبيثة؟ فيقولون فلان بن فلان، بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا، حتى ينتهى بها إلى السماء الدنيا، فيستفتح له، فلا يفتح له ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَٰبُ ٱلسَّمَآءِ وَلاَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ ٱلْجَمَلُ فِى سَمِّ ٱلْخِيَاطِ } فيقول الله اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى، فتطرح روحه طرحاً ثم قرأ { وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَتَخْطَفُهُ ٱلطَّيْرُ أَوْ تَهْوِى بِهِ ٱلرِّيحُ فِى مَكَانٍ سَحِيقٍ } فتعاد روحه في جسده، ويأتيه ملكان فيجلسانه ويقولان له من ربك؟ فيقول هاه هاه لا أدري، فيقولان له ما دينك؟ فيقول هاه هاه لا أدري، فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول هاه هاه لا أدري، فينادي مناد من السماء أن كذب عبدي، فأفرشوه من النار، وافتحوا له باباً إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومها، ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه، قبيح الثياب، منتن الريح، فيقول أبشر بالذي يسوءك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول ومن أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالشر، فيقول أنا عملك الخبيث، فيقول رب لا تقم الساعة "

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد