الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ } * { عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْكَبِيرُ ٱلْمُتَعَالِ }

يخبر تعالى عن تمام علمه الذي لا يخفى عليه شيء، وأنه محيط بما تحمله الحوامل من كل إناث الحيوانات، كما قال تعالى { وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلأَرْحَامِ } أي ما حملت من ذكر أو أنثى، أو حسن أو قبيح، أو شقي أو سعيد، أو طويل العمر أو قصيره كقوله تعالىهُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مِّنَ ٱلاَْرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ } النجم 32 الآية، وقال تعالىيَخْلُقُكُمْ فِى بُطُونِ أُمَّهَـٰتِكُـمْ خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِى ظُلُمَـٰتٍ ثَلَٰثٍ } الزمر 6 أي خلقكم طوراً من بعد طور كما قال تعالىوَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَـٰنَ مِن سُلَـٰلَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَـٰهُ نُطْفَةً فِى قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عِظَـٰماً فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَـٰمَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَـٰهُ خَلْقاً ءَاخَرَ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَـٰلِقِينَ } المؤمنون12-14 وفي الصحيحين عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن خلق إحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله إليه ملكاً فيؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه، وعمره، وعمله، وشقي أو سعيد " وفي الحديث الآخر " فيقول الملك أي رب أذكر أم أنثى؟ أي رب أشقي أم سعيد؟ فما الرزق؟ فما الأجل؟ فيقول الله، ويكتب الملك " وقوله { وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ } قال البخاري حدثنا إبراهيم بن المنذر، حدثنا معن، حدثنا مالك عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " مفاتيح الغيب خمس، لا يعلمهن إلا الله لا يعلم ما في غد إلا الله، ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله، ولا تدري نفس بأي أرض تموت، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله " وقال العوفي عن ابن عباس { وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ } يعني السقط، { وَمَا تَزْدَادُ } يقول ما زادت الرحم في الحمل على ما غاضت حتى ولدته تماماً، وذلك أن من النساء من تحمل عشرة أشهر، ومن تحمل تسعة أشهر، ومنهن من تزيد في الحمل، ومنهن من تنقص، فذلك الغيض والزيادة التي ذكر الله تعالى، وكل ذلك بعلمه تعالى. وقال الضحاك عن ابن عباس في قوله { وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ } قال ما نقصت من تسعة وما زاد عليها، وقال الضحاك وضعتني أمي، وقد حملتني في بطنها سنتين، وولدتني وقد نبتت ثنيتي. وقال ابن جريج عن جميلة بنت سعد عن عائشة قالت لا يكون الحمل أكثر من سنتين قدر ما يتحرك ظل مغزل، وقال مجاهد { وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ } قال ما ترى من الدم في حملها، وما تزداد على تسعة أشهر، وبه قال عطية العوفي والحسن البصري وقتادة والضحاك، وقال مجاهد أيضاً إذا رأت المرأة الدم دون التسعة، زاد على التسعة مثل أيام الحيض، وقاله عكرمة وسعيد ابن جبير وابن زيد.

السابقالتالي
2