الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ لَهُ دَعْوَةُ ٱلْحَقِّ وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى ٱلْمَآءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَآءُ ٱلْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ }

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه { لَهُ دَعْوَةُ ٱلْحَقِّ } قال التوحيد، رواه ابن جرير. وقال ابن عباس وقتادة ومالك عن محمد بن المنكدر { لَهُ دَعْوَةُ ٱلْحَقِّ } لا إله إلا الله { وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ } الآية، أي ومثل الذين يعبدون آلهة غير الله { كَبَـٰسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى ٱلْمَآءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ }. قال علي بن أبي طالب كمثل الذي يتناول الماء من طرف البئر بيده، وهو لا يناله أبداً بيده، فكيف يبلغ فاه؟ وقال مجاهد { كَبَـٰسِطِ كَفَّيْهِ } يدعو الماء بلسانه، ويشير إليه فلا يأتيه أبداً، وقيل المراد كقابض يده على الماء، فإنه لا يحكم منه على شي، كما قال الشاعر
فإنِّي وإِياكُمْ وشوقاً إليكُمُ كقابِضِ ماءٍ لَمْ تَسُقْهُ أنامِلُهُ   
وقال الآخر
فأصْبَحْتُ مِمَّا كان بيني وبينَها مِنَ الوُدِّ مثلَ القابضِ الماءَ باليدِ   
ومعنى هذا الكلام أن الذي يبسط يده إلى الماء، إما قابضاً وإما متناولاً له من بعد، كما أنه لا ينتفع بالماء الذي لم يصل إلى فيه الذي جعله محلاً للشرب، فكذلك هؤلاء المشركون الذين يعبدون مع الله إلهاً غيره، لا ينتفعون بهم أبداً في الدنيا ولا في الآخرة، ولهذا قال { وَمَا دُعَآءُ ٱلْكَـٰفِرِينَ إِلاَّ فِى ضَلَـٰلٍ }.