الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمُ ٱلْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِىءُ ٱلسَّحَابَ ٱلثِّقَالَ } * { وَيُسَبِّحُ ٱلرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَٱلْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ ٱلصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَآءُ وَهُمْ يُجَٰدِلُونَ فِي ٱللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ ٱلْمِحَالِ }

يخبر تعالى أنه هو الذي يسخر البرق، وهو ما يُرى من النور اللامع ساطعاً من خلل السحاب. وروى ابن جرير أن ابن عباس كتب إلى أبي الجلد يسأله عن البرق، فقال البرق الماء. وقوله { خَوْفًا وَطَمَعًا } قال قتادة خوفاً للمسافر يخاف أذاه ومشقته، وطمعاً للمقيم يرجو بركته ومنفعته، ويطمع في رزق الله، { وَيُنْشِىءُ ٱلسَّحَابَ ٱلثِّقَالَ } أي ويخلقها منشأة جديدة، وهي لكثرة مائها ثقيلة قريبة إلى الأرض. قال مجاهد السحاب الثقال الذي فيه الماء، قال { وَيُسَبِّحُ ٱلرَّعْدُ بِحَمْدِهِ } كقوله { وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ }. وقال الإمام أحمد حدثنا يزيد، حدثنا إبراهيم بن سعد، أخبرني أبي قال كنت جالساً إلى جنب حميد بن عبد الرحمن في المسجد، فمر شيخ من بني غفار، فأرسل إليه حميد، فلما أقبل قال يابن أخي وسع فيما بيني وبينك، فإنه قد صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء حتى جلس فيما بيني وبينه، فقال له حميد ما الحديث الذي حدثتني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال له الشيخ سمعت عن شيخ من بني غفار أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول " إن الله ينشىء السحاب، فينطق أحسن النطق، ويضحك أحسن الضحك " والمراد - والله أعلم - أن نطقها الرعد، وضحكها البرق. وقال موسى بن عبيدة عن سعد ابن إبراهيم قال يبعث الله الغيث، فلا أحسن منه مضحكاً، ولا آنس منه منطقاً، فضحكه البرق، ومنطقه الرعد. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي، حدثنا هشام بن عبيد الله الرازي عن محمد بن مسلم قال بلغنا أن البرق ملك له أربعة وجوه وجه إنسان، ووجه ثور، ووجه نسر، ووجه أسد، فإذا مصع بذنبه، فذاك البرق. وقال الإمام أحمد، حدثنا عفان، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا الحجاج، حدثنا أبو مطر عن سالم، عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع الرعد والصواعق قال " اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك " ، ورواه الترمذي والبخاري في كتاب الأدب، والنسائي في اليوم والليلة، والحاكم في مستدركه من حديث الحجاج بن أرطاة، عن أبي مطر، ولم يسم به. وقال الإمام أبو جعفر بن جرير حدثنا أحمد بن إسحاق حدثنا أبو أحمد، حدثنا إسرائيل عن أبيه، عن رجل، عن أبي هريرة رفعه أنه كان إذا سمع الرعد قال " سبحان من يسبح الرعد بحمده " وروي عن علي رضي الله عنه أنه كان إذا سمع صوت الرعد يقول سبحان من سبحت له، وكذا روي عن ابن عباس وطاوس والأسود بن يزيد أنهم كانوا يقولون ذلك.

السابقالتالي
2 3 4