الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ } * { وَمَآ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } * { وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ }

يقول تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم لما قص عليه نبأ إِخوة يوسف، وكيف رفعه الله عليهم، وجعل له العاقبة والنصر، والملك والحكم، مع ما أرادوا به من السوء والهلاك والإعدام هذا وأمثاله يا محمد من أخبار الغيوب السابقة { نُوحِيهِ إِلَيْكَ } ونعلمك به يا محمد لما فيه من العبرة لك، والاتعاظ لمن خالفك { وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ } حاضراً عندهم، ولا مشاهداً لهم { إِذْ أَجْمَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ } أي على إِلقائه في الجب { وَهُمْ يَمْكُرُونَ } به، ولكنا أعلمناك به وحياً إِليك، وإِنزالاً عليك كقولهوَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلَـٰمَهُمْ } القصص 46 الآية، وقال تعالىوَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلْغَرْبِىِّ إِذْ قَضَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَى ٱلأَمْرَ } آل عمران 44 الآية، إِلى قولهوَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ ٱلطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا } القصص 46 الآية، وقالوَمَا كُنتَ ثَاوِياً فِىۤ أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا } القصص 45 الآية، وقالمَا كَانَ لِىَ مِنْ عِلْمٍ بِٱلْمَـَلإِ ٱلأَعْلَىٰ إِذْ يَخْتَصِمُونَ إِن يُوحَىٰ إِلَىَّ إِلاَّ أَنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } ص69-70 يقول تعالى إِنه رسوله، وإِنه قد أطلعه على أنباء ما قد سبق مما فيه عبرة للناس، ونجاة لهم في دينهم ودنياهم، ومع هذا ما آمن أكثر الناس، ولهذا قال { وَمَآ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } وقالوَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِى ٱلأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } الأنعام 116 كقولهإِنَّ فِي ذَلِكَ لأَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ } الشعراء 8 إلى غير ذلك من الآيات. وقوله { وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ } أي ما تسألهم يا محمد على هذا النصح والدعاء إِلى الخير والرشد من أجر، أي من جُعالة ولا أجرة على ذلك، بل تفعله ابتغاء وجه الله، ونصحاً لخلقه، { إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَـٰلَمِينَ } يتذكرون به، ويهتدون وينجون به في الدنيا والآخرة.