الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ٱبْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ ٱلْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ ٱلْحَاكِمِينَ } * { قَالَ يٰنُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّيۤ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ } * { قَالَ رَبِّ إِنِّيۤ أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِيۤ أَكُن مِّنَ ٱلْخَاسِرِينَ }

هذا سؤال استعلام وكشف من نوح عليه السلام عن حال ولده الذي غرق { فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ٱبُنِى مِنْ أَهْلِى } أي وقد وعدتني بنجاة أهلي، ووعدك الحق الذي لا يخلف، فكيف غرق وأنت أحكم الحاكمين؟ { قَالَ يٰنُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ } أي الذين وعدت إنجاءهم لأني إنما وعدتك بنجاة من آمن من أهلك، ولهذا قالوَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ مِنْهُمْ } المؤمنون 27 فكان هذا الولد ممن سبق عليه القول بالغرق لكفره ومخالفته أباه نبي الله نوحاً عليه السلام، وقد نص غير واحد من الأئمة على تخطئة من ذهب في تفسير هذا إلى أنه ليس بابنه، وإنما كان ابن زنية، ويحكى القول بأنه ليس بابنه، وإنما كان ابن امرأته، عن مجاهد والحسن وعبيد بن عمير وأبي جعفر الباقر وابن جرير، واحتج بعضهم بقوله { إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَـٰلِحٍ } وبقولهفَخَانَتَاهُمَا } التحريم 10 فممن قاله الحسن البصري، احتج بهاتين الآيتين، وبعضهم يقول ابن امرأته، وهذا يحتمل أن يكون أراد ما أراد الحسن، أو أراد أنه نسب إليه مجازاً لكونه كان ربيباً عنده، فالله أعلم. وقال ابن عباس وغير واحد من السلف ما زنت امرأة نبي قط، قال وقوله { إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ } أي الذين وعدتك نجاتهم، وقول ابن عباس في هذا هو الحق الذي لا محيد عنه فإن الله سبحانه أغير من أن يمكن امرأة نبي من الفاحشة، ولهذا غضب الله على الذين رموا أم المؤمنين عائشة بنت الصديق زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأنكر على المؤمنين الذين تكلموا بهذا وأشاعوه، ولهذا قال تعالىإِنَّ ٱلَّذِينَ جَآءُوا بِٱلإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ مَّا ٱكْتَسَبَ مِنَ ٱلإِثْمِ وَٱلَّذِى تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ لَّوْلاۤ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُواْ هَـٰذَآ إِفْكٌ مُّبِينٌ لَّوْلاَ جَآءُو عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُواْ بِالشُّهَدَآءِ فَأُوْلَـٰئِكَ عِندَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْكَـٰذِبُونَ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِى ٱلدُّنْيَا وَٱلأَخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِى مَآ أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } النور11-14. وقال عبد الرزاق أخبرنا معمر عن قتادة، وغيره عن عكرمة عن ابن عباس قال هو ابنه، غير أنه خالفه في العمل والنية، قال عكرمة في بعض الحروف إنه عمل عملاً غير صالح، والخيانة تكون على غير باب، وقد ورد في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بذلك، فقال الإمام أحمد حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ { إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَـٰلِحٍ } وسمعته يقول

السابقالتالي
2