الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ } * { فَذَلِكَ ٱلَّذِي يَدُعُّ ٱلْيَتِيمَ } * { وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } * { فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ يُرَآءُونَ } * { وَيَمْنَعُونَ ٱلْمَاعُونَ }

يقول تعالى أرأيت يا محمد الذي يكذب بالدين، وهو المعاد والجزاء والثواب؟ { فَذَلِكَ ٱلَّذِى يَدُعُّ ٱلْيَتِيمَ } أي هو الذي يقهر اليتيم، ويظلمه حقه، ولا يطعمه ولا يحسن إليه، { وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } كما قال تعالىكَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ ٱلْيَتِيمَ وَلاَ تَحَاضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } الفجر 17 ــــ 18 يعني الفقير الذي لا شيء له يقوم بأوده وكفايته، ثم قال تعالى { فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلَـٰتِهِمْ سَاهُونَ } قال ابن عباس وغيره يعني المنافقين الذين يصلون في العلانية، ولا يصلون في السر، ولهذا قال { لِّلْمُصَلِّينَ } الذين هم من أهل الصلاة، وقد التزموا بها، ثم هم عنها ساهون، إما عن فعلها بالكلية كما قاله ابن عباس، وإما عن فعلها في الوقت المقدر لها شرعاً فيخرجها عن وقتها بالكلية كما قاله مسروق وأبو الضحى. وقال عطاء بن دينار الحمد لله الذي قال { عَن صَلَـٰتِهِمْ سَاهُونَ } ولم يقل في صلاتهم ساهون، وإماعن وقتها الأول، فيؤخرونها إلى آخره دائماً أو غالباً، وإما عن أدائها بأركانها وشروطها على الوجه المأمور به، وإما عن الخشوع فيها والتدبر لمعانيها، فاللفظ يشمل ذلك كله، ولكل من اتصف بشيء من ذلك قسط من هذه الآية، ومن اتصف بجميع ذلك، فقد تم له نصيبه منها، وكمل له النفاق العملي كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس، حتى إذا كانت بين قرني الشيطان، قام فنقر أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً " فهذا أخر صلاة العصر التي هي الوسطى كما ثبت به النص، إلى آخر وقتها، وهو وقت الكراهة، ثم قام إليها فنقرها نقر الغراب، لم يطمئن، ولا خشع فيها أيضاً، ولهذا قال لا يذكر الله فيها إلا قليلاً، ولعله إنما حمله على القيام إليها مراءاة الناس، لا ابتغاء وجه الله، فهو كما إذا لم يصل بالكلية. قال الله تعالىإِنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ يُخَـٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوۤاْ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ قَامُواْ كُسَالَىٰ يُرَآءُونَ ٱلنَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً } النساء 142 وقال تعالى ههنا { ٱلَّذِينَ هُمْ يُرَآءُونَ }. وقال الطبراني حدثنا يحيى بن عبد الله بن عبدويه البغدادي، حدثني أبي، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن يونس عن الحسن عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن في جهنم لوادياً تستعيذ جهنم من ذلك الوادي في كل يوم أربعمئة مرة، أعد ذلك للمرائين من أمة محمد لحامل كتاب الله، وللمصدق في غير ذات الله، وللحاج إلى بيت الله، وللخارج في سبيل الله "

السابقالتالي
2 3 4