الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْقَارِعَةُ } * { مَا ٱلْقَارِعَةُ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْقَارِعَةُ } * { يَوْمَ يَكُونُ ٱلنَّاسُ كَٱلْفَرَاشِ ٱلْمَبْثُوثِ } * { وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ ٱلْمَنفُوشِ } * { فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ } * { فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } * { وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ } * { فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ } * { نَارٌ حَامِيَةٌ }

القارعة من أسماء يوم القيامة كالحاقة والطامة والصاخة والغاشية، وغير ذلك. ثم قال تعالى معظماً أمرها، ومهولاً لشأنها { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْقَارِعَةُ }؟ ثم فسر ذلك بقوله { يَوْمَ يَكُونُ ٱلنَّاسُ كَٱلْفَرَاشِ ٱلْمَبْثُوثِ } أي في انتشارهم وتفرقهم، وذهابهم ومجيئهم من حيرتهم مما هم فيه، كأنهم فراش مبثوث كما قال تعالى في الآية الأخرىكَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ } القمر 7 وقوله تعالى { وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ ٱلْمَنفُوشِ } يعني قد صارت كأنها الصوف المنفوش الذي قد شرع في الذهاب والتمزق. قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والحسن وقتادة وعطاء الخراساني والضحاك والسدي { كَٱلْعِهْنِ } الصوف. ثم أخبر تعالى عما يؤول إليه عمل العاملين، وما يصيرون إليه من الكرامة والإهانة بحسب أعمالهم، فقال { فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَٰزِينُهُ } أي رجحت حسناته على سيئاته، { فَهُوَ فِى عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } يعني في الجنة، { وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَٰزِينُهُ } أي رجحت سيئاته على حسناته. وقوله تعالى { فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ } قيل معناه فهو ساقط هاو بأم رأسه في نار جهنم، وعبر عنه بأمه، يعني دماغه، روي نحو هذا عن ابن عباس وعكرمة وأبي صالح وقتادة، وقال قتادة يهوي في النار على رأسه، وكذا قال أبو صالح يهوون في النار على رؤوسهم، وقيل معناه فأمه التي يرجع إليها، ويصير في المعاد إليها، هاوية، وهي اسم من أسماء النار، قال ابن جرير وإنما قيل للهاوية أمه لأنه لا مأوى له غيرها، وقال ابن زيد الهاوية النار، هي أمه ومأواه التي يرجع إليها ويأوي إليها، وقرأوَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ } آل عمران 151 قال ابن أبي حاتم وروي عن قتادة أنه قال هي النار، وهي مأواهم، ولهذا قال تعالى مفسراً للهاوية { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ }. قال ابن جرير حدثنا ابن عبد الأعلى، حدثنا ابن ثور عن معمر عن الأشعث بن عبد الله الأعمى قال إذا مات المؤمن، ذهب بروحه إلى أرواح المؤمنين، فيقولون روحوا أخاكم فإنه كان في غم الدنيا، قال ويسألونه ما فعل فلان؟ فيقول مات، أو ما جاءكم؟ فيقولون ذهب به إلى أمه الهاوية، وقد رواه ابن مردويه من طريق أنس بن مالك مرفوعاً بأبسط من هذا، وقد أوردناه في كتاب صفة النار ــــ أجارنا الله تعالى منها بمنه وكرمه ــــ وقوله تعالى { نَارٌ حَامِيَةٌ } أي حارة شديدة الحر، قوية اللهب والسعير. قال أبو مصعب عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " نار بني آدم التي توقدون جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم " قالوا يا رسول الله إن كانت لكافية؟ فقال

السابقالتالي
2 3