الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْعَادِيَاتِ ضَبْحاً } * { فَٱلمُورِيَاتِ قَدْحاً } * { فَٱلْمُغِيرَاتِ صُبْحاً } * { فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً } * { فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً } * { إِنَّ ٱلإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ } * { وَإِنَّهُ عَلَىٰ ذَلِكَ لَشَهِيدٌ } * { وَإِنَّهُ لِحُبِّ ٱلْخَيْرِ لَشَدِيدٌ } * { أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي ٱلْقُبُورِ } * { وَحُصِّلَ مَا فِي ٱلصُّدُورِ } * { إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ }

يقسم تعالى بالخيل إذا أجريت في سبيله، فعدت وضبحت، وهو الصوت الذي يسمع من الفرس حين تعدو { فَٱلمُورِيَـٰتِ قَدْحاً } يعني اصطكاك نعالها للصخر، فتقدح منه النار، { فَٱلْمُغِيرَٰتِ صُبْحاً } يعني الإغارة وقت الصباح كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغير صباحاً، ويتسمَّعُ الأذان، فإن سمع أذاناً، وإلا أغار. وقوله تعالى { فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً } يعني غباراً في مكان معترك الخيول { فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً } أي توسطن ذلك المكان كلهن جمع. قال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا عبدة عن الأعمش، عن إبراهيم عن عبد الله { وَٱلْعَـٰدِيَـٰتِ ضَبْحاً } قال الإبل، وقال علي هي الإبل. وقال ابن عباس هي الخيل، فبلغ علياً قول ابن عباس، فقال ما كانت لنا خيل يوم بدر، قال ابن عباس إنما كان ذلك في سرية بعثت. قال ابن أبي حاتم وابن جرير وحدثنا يونس، أخبرنا ابن وهب، أخبرني أبو صخر عن أبي معاوية البجلي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس حدثه قال بينا أنا في الحجر جالساً، جاءني رجل فسألني عن { وَٱلْعَادِيَاتِ ضَبْحاً } ، فقلت له الخيل حين تغير في سبيل الله، ثم تأوي إلى الليل، فيصنعون طعامهم، ويورون نارهم، فانفتل عني فذهب إلى علي رضي الله عنه، وهو عند سقاية زمزم، فسأله عن { وَٱلْعَادِيَاتِ ضَبْحاً } فقال سألت عنها أحداً قبلي؟ قال نعم، سألت ابن عباس، فقال الخيل حين تغير في سبيل الله، قال اذهب فادعه لي، فلما وقف على رأسه قال أتفتي الناس بما لا علم لك؟ والله لئن كان أول غزوة في الإسلام بدر، وما كان معنا إلا فرسان فرس للزبير، وفرس للمقداد، فكيف تكون العاديات ضبحاً؟ إنما العاديات ضبحاً من عرفة إلى المزدلفة، ومن المزدلفة إلى منى، قال ابن عباس فنزعت عن قولي، ورجعت إلى الذي قال علي رضي الله عنه، وبهذا الإسناد عن ابن عباس قال قال علي إنما العاديات ضبحاً من عرفة إلى المزدلفة، فإذا أووا إلى المزدلفة، أوروا النيران، وقال العوفي وغيره عن ابن عباس هي الخيل. وقد قال بقول علي إنها الإبل، جماعة، منهم إبراهيم، وعبيد بن عمير، وقال بقول ابن عباس آخرون، منهم مجاهد وعكرمة وعطاء وقتادة والضحاك، واختاره ابن جرير، وقال ابن عباس وعطاء ما ضبحت دابة قط إلا فرس أو كلب. وقال ابن جريج عن عطاء سمعت ابن عباس يصف الضبح أح أح، وقال أكثر هؤلاء في قوله { فَٱلمُورِيَـٰتِ قَدْحاً } يعني بحوافرها، وقيل أسعرنَ الحرب بين ركبانهن، قاله قتادة. وعن ابن عباس ومجاهد { فَٱلمُورِيَـٰتِ قَدْحاً } يعني مكر الرجال. وقيل هو إيقاد النار إذا رجعوا إلى منازلهم من الليل، وقيل المراد بذلك نيران القبائل، وقال من فسرها بالخيل هو إيقاد النار بالمزدلفة.

السابقالتالي
2