الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ ٱلنَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱللَّهِ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ }

يقول تعالى مُذكِّراً للناس قيام الساعة وحشرهم من أجداثهم إلى عَرَصات القيامة كأنهم يوم يوافونها لم يلبثوا في الدنيا { إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ ٱلنَّهَارِ } كما قال تعالىكَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ } الأحقاف 35 وكقولهكَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا } النازعات 46 وقال تعالىيَوْمَ يُنفَخُ فِى ٱلصُّورِ وَنَحْشُرُ ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمِئِذٍ زُرْقاً يَتَخَـٰفَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً } طه102-104 وقال تعالىوَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُقْسِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ } الروم 55 الآيتين، وهذا كله دليل على استقصار الحياة الدنيا في الدار الآخرة كقولهقَـٰلَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِى ٱلأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ ٱلْعَآدِّينَ قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } المؤمنون112-114، وقوله { يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ } أي يعرف الأبناء الآباء والقرابات بعضهم لبعض كما كانوا في الدنيا، ولكن كل مشغول بنفسهفَإِذَا نُفِخَ فِى ٱلصُّورِ فَلاَ أَنسَـٰبَ بَيْنَهُمْ } المؤمنون 101 الآية، وقال تعالىوَلاَ يَسْـئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً } المعارج 10 الآيات، وقوله { قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱللَّهِ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ } كقوله تعالىوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } المرسلات 15 لأنهم خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، ألا ذلك هو الخسران المبين، ولا خسارة أعظم من خسارة من فرق بينه وبين أحبته يوم الحسرة والندامة.