الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ }

يخبر تعالى أنه رب العالم جميعه، وأنه خلق السموات والأرض في ستة أيام، قيل كهذه الأيام، وقيل كل يوم كألف سنة مما تعدون كما سيأتي بيانه. ثم على استوى العرش، والعرش أعظم المخلوقات وسقفها. قال ابن أبي حاتم حدثنا حجاج بن حمزة، حدثنا أبو أسامة، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد قال سمعت سعداً الطائي يقول العرش ياقوتة حمراء، وقال وهب بن منبه خلقه الله من نوره، وهذا غريب. وقوله { يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ } أي يدبر أمر الخلائقلاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِى ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ } سبأ 3 ولا يشغله شأن عن شأن، ولا تغلطه المسائل، ولا يتبرم بإلحاح الملحين، ولا يلهيه تدبير الكبير عن الصغير في الجبال والبحار والعمران والقفاروَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ رِزْقُهَا } هود 6 الآيةوَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِى ظُلُمَـٰتِ ٱلأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِى كِتَـٰبٍ مُّبِينٍ } الأنعام 59 وقال الدراوردي عن سعد بن إسحاق بن كعب ابن عجرة أنه قال حين نزلت هذه الآية { إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ } الآية، لقيهم ركب عظيم لا يرون إلا أنهم من العرب، فقالوا لهم من أنتم؟ قالوا من الجن، خرجنا من المدينة، أخرجتنا هذه الآية. رواه ابن أبي حاتم. وقوله { مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ } كقوله تعالىمَن ذَا ٱلَّذِى يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } البقرة 55 وكقوله تعالىوَكَمْ مِّن مَّلَكٍ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ ٱللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرْضَىٰ } النجم 26 وقولهوَلاَ تَنفَعُ ٱلشَّفَـٰعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } سبأ 23 وقوله { ذٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } أي أفردوه بالعبادة وحده لا شريك له { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } أي أيها المشركون في أمركم؟ تعبدون مع الله إلهاً غيره، وأنتم تعلمون أنه المتفرد بالخلق كقوله تعالىوَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ } الزخرف 87 وقولهقُلْ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ ٱلسَّبْعِ وَرَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } المؤمنون86-87 وكذا الآية التي قبلها والتي بعدها.