يرشد تعالى عباده إلى التفكر في آلائه، وما خلق الله في السموات والأرض من الآيات الباهرة لذوي الألباب مما في السموات من كواكب نيرات، ثوابت وسيارات، والشمس والقمر، والليل والنهار واختلافهما، وإيلاج أحدهما في الآخر حتى يطول هذا ويقصر هذا، ثم يقصر هذا ويطول هذا، وارتفاع السماء واتساعها وحسنها وزينتها، وما أنزل الله منها من مطر فأحيا به الأرض بعد موتها، وأخرج فيها من أفانين الثمار والزروع والأزاهير وصنوف النبات، وما ذرأ فيها من دواب مختلفة الأشكال والألوان والمنافع، وما فيها من جبال وسهول وقفار وعمران وخراب، وما في البحر من العجائب والأمواج، وهو مع هذا مسخر مذلل للسالكين، يحمل سفنهم ويجري بها برفق بتسخير القدير، لا إله إلا هو، ولا رب سواه. وقوله { وَمَا تُغْنِى ٱلآيَـٰتُ وَٱلنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ } أي وأي شيء تغني الآيات السماوية والأرضية، والرسل بآياتها وحججها وبراهينها الدالة على صدقها عن قوم لا يؤمنون؟ كقوله{ إِنَّ ٱلَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ } يونس 96 الآية. وقوله { فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِهِمْ } أي فهل ينتظر هؤلاء المكذبون لك يا محمد من النقمة والعذاب إلا مثل أيام الله في الذين خلوا من قبلهم من الأمم الماضية المكذبة لرسلهم؟ { فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِهِمْ قُلْ فَٱنْتَظِرُوۤاْ إِنَّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُنْتَظِرِينَ قُلْ ثُمَّ نُنَجِّى رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنجِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } أي ونهلك المكذبين بالرسل { كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنجِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } حقاً أوجبه الله تعالى على نفسه الكريمة كقوله{ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَة } الأنعام 54 وكما جاء في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " إن الله كتب كتاباً، فهو عنده فوق العرش إن رحمتي سبقت غضبي ".